المخاض الاوكراني ومولد النظام العالمي الجديد .. بدر الدين حسين يكتب..
الخرطوم/ الرائد نت
العدوان الروسي على اوكرانيا احدث ربكة عظيمة في موازين القوي الدولية، وذلك من خلال انكشاف غطاء العديد من الدول، التي كانت من الفاعلين الرئيسين في النظام الدولي ما قبل العدوان الروسي، الا انها تراجعت بصورة كبيرة عقب العدوان وصارت بمثابة نمور الورق.
ولعل هذا التحول يطرح سؤالا حول هل كانت الحرب مقصودة لذاتها، ام ان هنالك اهدافا استراتيجية ارادت روسيا ان ترسلها للعالم؟ وماهي الاهداف المباشرة التي يمكن ان تحققها روسيا من هذا العدوان؟ وما هو موقف امريكا والاتحاد الاوربى ومن خلفهم الامم المتحدة، ومجلس الامن، حتى يمكن قراءة هذا المشهد بصورة اكثر موضوعية.
الواضح ان امريكا كانت تفكر في جعل اوكرانيا خط نزاع متقدم مع الروس، من خلال مجهودات بذلتها امريكا وبريطانيا، من اجل ضم اوكرانيا إلى حلف شمال الاطلسي وبالتالي يتحول إلى قاعدة له تشكل خط دفاع متقدم لامريكا والغرب عموما، وروسيا التي تفطن لذلك تدرك ان هذا الوضع يمكن أن يوثر علي امنها القومي، ويسعي لاثارة المتناقضات داخل الدولة.
اما اوكرانيا فانها كانت تحلم بدعم امريكي اوروبي في حالة وجود تدخل عسكري روسي فيها، وهذا ما ضحده الواقغ، حينما تحركت الالة العسكرية الروسية تجاه اوكرانيا، حيث وجدت اوكرانيا نفسها وحيدة في حلبة الصراع مع روسيا فماذا كانت المواقف الامريكيةو الاوربية؟
امريكا منذ الساعات الأولى للاجتياح الروسي لاوكرانيا حددت موقفها بعدم رغبتها في خوض حرب مع روسيا، وبالتالي فانها لن ترسل اي قوات امريكية إلى اوكرانيا، والواضح ان التقدير الامريكي كان تقديرا واقعيا، في ظل بروز روسيا كقوة دولية مسنودة بالتنين الصيني، ودخول امريكا حلبة الصراع سيكلفها خسائر كبيرة،ويزعزع اعتلاءها قمة النظام العالمي، لذا فان امريكا وجدت نفسها في موضع لا تحسد عليه، ووجدت ان مخرجها في اعطاء ظهرها لاوكرانيا تجنبا من لقاء روسيا وجها لوجه.
ومثل ما وجدت امريكا نفسها في( زقاق) ضيق فان مجلس الامن لم يكن باحسن حالا منها، والفيتو الروسي جاهز للنقض، فلا الصمت جمل صورته ولا البوح حفظ له ماء وجهه، فظهر مجلس الامن مطية امريكا لسنوات طوال (كهمبول) كبير.
الشاهد في الحدث ان الخطوة الروسية لم تكن من اجل الحرب في، ذاتها وانما اعلان عن نظام عالمي جديد يتشكل تقوده روسيا وتسنده الصين.