بالمرصاد | الصادق مصطفى الشيخ يكتب: الميثاق والتغيير الجذري…

0

متابعات/ الرائد نت

عندما تمسك الانقلابيون بالقتل والاغتصاب لقمع التظاهرات الرافضة للعسكر وتواجدهم بالساحة السياسية، واستمرت التظاهرات وفق جداول نفذها الثوار والثائرات بشجاعة متناهية كلفت أرواح عزيزة وأجزاء من أعضاء أجساد ناصعة متطلعة لغد مشرق، وصلوا القصر الرئاسي عدة مرات فقال حينها القيادي بلجان المقاومة بالخرطوم شرق المحامي أحمد عصمت في إطار تقييم المواكب خاصة ١٧ ديسمبر وما بعده والذى تحدث عنه بكثير من الحرص وعدم التراجع، دار الحديث حول انعدام القيادة ومصدر القرار فهل كان الانسحاب من القصر صحيحًا بعد احتلاله ومن الذى سيتخذ القرار بالاعتصام من عدمه.
هنا قال عصمت إننا بتباطؤنا هذا (سنقتل) كثيرين من الآملين في لجان المقاومة الواثقين بأنها المنقذ، أبكت تلك العبارات كثير من الحضور وهم قوام المواكب من الثائرات والثوار، وكان التوجه بالتوقيع على مسودة الميثاق بعلاته وكانت نسخته المتداولة قد اتت من لجان مقاومة مايرنو.
لقد تخوف الكثيرون من ظهور ميثاق يحتاج لإعداد وجهد يتضارب تمامًا مع الجهد المبذول في الشارع، وإن نجحت لجان المقاومة في السير بالاثنين بوتيرة متوازنة أدت لنجاح المواكب والحشد الثوري الذي عبر عنه موكب (كلنا معاكم) الآخير للآباء والأمهات، وفى ذات الوقت تحويل مسودة الميثاق وطرحها للشعب السوداني الذى أمن على بنودها وهو مغمض العينين، لأنها تلخيص للواقع مرتكزة على اللاءات الثلاثة وعدم مفاوضة القتلة الانقلابيين، وهو ما يعتبره المحللون الذين تجاوزهم الزمن سقف مطالب عالٍ، لكنه ليس أعلى من تطلعات الشارع الذي يجب أن يعلموا أنه مصمم على مجاراة المقاومة وأطروحاتها حتى النهاية، وبالمقابل ترك الميثاق مساحة هروب نحوه للانقلابيين ومن شايعهم عندما حدد للفترة الانتقالية عامين فقط، وهي أقل من الفترة التى طلبها البرهان في بيان الانقلاب.
وكانت مثار جدل كثيف بين تنسيقيات لجان المقاومة نفسها التي كان غالبها مع أربعة سنوات للفترة الانتقالية، ليتثنى للقوى السياسية الحية من ترتيب بيوتها الداخلية وتمكين المؤسسة الانتقالية من وضع ترتيبات الانتقال التي تعلمها المقاومة أكثر من أي جهة أخرى.
وفي تقديري أن انتصار توجه العامين للفترة الانتقالية فيه مجاملة واضحة لأعداء الثورة، خاصة أن طرح المقاومة مرتكز على اللاءات الثلاثة التي تعني فقط سقوط الانقلاب كما قال المهندس عثمان سر الختم، واللاءات الثلاث هي تجسيد فعلي لتسقط ثالث.. والعامان ليسا كافيين لتجفيف جيوب الفلول التي عاد البرهان لمنحها بعض البريق الكاذب.
عمومًا كان استقبال الشارع لتلك الوثيقة بما تستحقه من زخم وقبول قابله تكتيكات مضادة تصدى لها هذه المرة أهل اعتصام القصر، الذين ما زالوا يسمون الانقلاب بالإجراءات التصحيحية، وهم لا يدرون أن الذين خدعوهم باتفاق جوبا يسعون للتنصل منه، بعد أن فعلت الدولة التي احتضنت المفاوضات، فقد انتقد أحدهم فقرة واحدة في الميثاق، مبينًا أن لهجة التغيير الجذري تشير مباشرة لجهة سياسية معينة، لم يكن صريحًا في وصفه بأنه يقصد الحزب الشيوعي الذي استخدم هذه الكلمة في كثير من بياناته كأنما ذلك أمر مستنكر، فالبحث عن شماعة لتعليق الإخفاقات أو إيجاد ثغرة في ميثاق لجان المقاومة لا يتم بمثل هذه الترهات وإطلاق القول على عواهنه، خاصة الذين جربوا التغيير الجزئي كما هو حادث اليوم..
الميثاق لأهميته وقوة طرحه أجل له المبعوث الاممي مؤتمرًا صحفيًا معد له منذ فترة، ورغم أنه لم يكن يحوي ما يهم الحراك كثيرًا طالما استصحب معه رؤى العسكر وتحدث عن حوار، لذلك ظهر مجددًا الموريتاني ولد لبات مهندس الوثيقة الدستورية المعطوبة، وأتى هذه المرة كمبعوث من الاتحاد الأفريقي بعد أن تحولت رئاسته لدولة السنغال بجند وحيد هو عودة حمدوك لقيادة المرحلة الانتقالية بشكلها الجديد وهذا ما سنتطرق له في الحلقة القادمة.

مرصد أخير:
عندما أعلن أمس الأول أحمد عصمت القيادي للجان مقاومة الخرطوم عن طرح الميثاق بالأحد ضجت ساحة شارع الستين بالزغاريد، وميثاق استقبل بتلك الحفاوة وبتصفيق أمهات الشهداء والبروف مستر خالد ياجي، والعظيمة عائشة السعيد عضوة المجلس السيادي الأول التى استقالت في أول بادرة في تاريخ العمل السياسي بالسودان احتجاجًا على قتل المتظاهرين وترويعهم.
لا نملك حيال ذلك إلا أن نقول أنه ميثاق متين..

اترك رد