عثمان ميرغني يكتب: يا للعار.. الوطني !!

متابعات/ الرائد نت

يبدو أن الحال النكد الذي يكابده الشعب السوداني حالياً لا يقف خلف جدران الوطن .. فيديوهات كثيرة من مختلف الدول تعرض صوراً جديدة لـ”السوداني”، بمظهره المعروف الجلباب الأبيض النظيف والعمامة وغيرها من إكسسوارت الزي السوداني..
أمس شاهدت في الوسائط مقطعاً مصوراً لمواطن من سلطنة عمان الشقيقة يتحدث عن ظاهرة سودانيين يقفون في الشوارع فرادى أو إثنين ويشيرون للسيارات العابرة كأنهم يمارسون “فضل الظهر” للوصول إلى مكان محدد لكنهم ما أن يطيب لهم المقام داخل السيارة حتى يمدوا أيدي التسول بمختلف الأعذار برجاء الحصول على صدقة من صاحب السيارة..
قبل فترة شاهدت مقطعاً مصوراً لسوداني يلبس الجلابية التي تميزنا وهو يقف بعد انتهاء الصلاة في المسجد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة ويخاطب المصلين متسولاً يشكو لهم الحال عسى أن يظفر بما تبذله نخوة الإحسان والكرم، ثم رجل شرطة يطارده خارج المسجد حيث تقف سيارة بها سوداني آخر تلتقطه بسرعة وتهرب به ليفلت من سلطة القانون.
في مصر الجارة الشقيقة أكثر من ذلك، طوفان من الجريمة يجتاح أحياء في القاهرة ثم تمدد حتى وصل إلى مدينة أسوان، وعنوانه أيضاً “السودانيون” لدرجة أن شخصاً يُعلن عن إيجار أو بيع شقة و يضع في الإعلان نصاً صريحاً أن العقار ليس به سودانيون بل وبعيد عن أماكن إقامتهم..
بعض أحياء القاهرة صارت مسرحاً لجرائم تحمل الوصمة لشعب عفيف متعفف لا يمد يده إلا بالخير للآخرين..
الحكاوى صارت أكبر من همومنا الداخلية المزمنة، فأن نجوع أو يفتك بنا لهيب الأسعار أو نعاني من ظلام الكهرباء و شظف الحال داخل وطننا ليس مشكلة في حد ذاتها طالما تحمينا أسوار السترة والكرامة.. ونظل شعباً مرفوع الرأس أمام الأمم الأخرى.. لكن الذي يحدث الآن تعدى كل خطوط العيب الوطني.. فآخر ما كنا ندافع عنه بكل استماتة كرامتنا وعزتنا.
لن أطالب الحكومة أن تتحرك لتحمي سمعتنا، لأنها جزء من الأزمة التي صنعت هذا الحال، ولكني أدق ناقوس الخطر بشدة لننتبه كلنا أننا نحن من يجب أن نحمي سمعتنا وكرامتنا..
إنتظار سفاراتنا بالخارج لامتشاق سيف السلطة ومنع المتاجرين بكرامتنا غير مجد، فالسفارات السودانية بالكاد تستطيع توفير الخدمات القنصلية التي يفترض تقديمها للسودانيين بالخارج، و يشكو الغالبية من سوء التعامل – إلا من رحم ربي من العاملين بالسفارات- ولا أتوقع أن يتحمس سفير أو قنصل أو دبلوماسي لحماية شرفنا السوداني من الذين يبيعونه على قارعة الطريق..
و الإجراءات الأمنية لمنعهم من السفر أو حتى توقيفهم في الدول التي يمارسون فيها ابتذال سمعتنا الوطنية أمر صعب لأن طرق التحايل كثيرة وصعب حراستها..
من الحكمة أن ندرك أن العلاج هنا في الداخل، لا أقصد أن ننتظر لنبلغ منسوب الرفاهية المانع للتسول خارجياً بل أن نمارس فضيلة زرع الأمل في مستقبل قريب آت..
نحتاج لترفيع أسوار العيب المؤسسي، حتى لا يتأسى المواطن بسلوك حكوماته التي تمارس التسول ذاته بثياب أفخر.

التعليقات مغلقة.