ياسر الفادني يكتب: لا خيرَ فيَّ إنْ لم أقُلها
الخرطوم/ الرائد نت
الجوع يا البرهان….. هذا صراخ الأغلبية في هذا الوطن المكلوم ، الأغلبية التي ظلت تعاني من المثلث الخطير الفقر والجوع والمرض طوال ثلاث سنوات خلت كلها كانت كذب في كذب ولا زال المثلث مستمر
أعلم ياسيدي البرهان أن البطن الخاوية ليس لها أذان تسمع ولا عيون متعقلة لا تسمع ما تقوله ولاترى ما تفعله إن لم تمتليء ، الفنان ترباس بسبب الجوع والضنك هاجر مغاضبا برغم أنه دندن (ماتهتموا للأيام ظروف بتعدي ) ، الكابتن هيثم مصطفي ضيق عليه وهاجر ، شباب تركوا البلاد وركبوا البحر إلى ما وراء البحار في سكة خطر ، أسر أجرت منازلها وشققها وفضلت الإقامة في مصر
الجوع يؤدي إلى السلب والنهب وأخذ حق الغير بدون وجه حق ، الجوع يضعك تتحسس جيبك وتمسك هاتفك بكل قوة وتهرول هرولة الخائف إن مررت بطريق مظلم تجنبا لهجوم عليك من تسعة طويلة ، البلاد صارت كل مسمياتها السياسية كذا طويلة ! ،اياديهم طويلة تلقف ذات اليمين وذات الشمال لكن عقولهم خاوية
ياسيدي البرهان…. الناس في بلادي إن كنت لا تعلم صارت وجباتهم إن وجدتْ بعد الكاد…. (ملاح أم تلاته) وهو الملاح الذي مكوناته ويكة وملح وماء ، ياسيدي….. الأطفال الصغار صاروا محرومون من اللبن الذي سعر الرطل فيه أصبح صعب المنال للمسكين شراؤه ، حتى الأطفال الصغار منهم أصابهم الضعف والهوان وصاروا من الضعف لا زغب لهم ولا حواصل ، الصبية منهم تركوا التعليم وصاروا يتسكعون في الشوارع منهم من يعمل في مهنة هامشية ومنهم من يتكلف الناس إلحافا بالسؤال
حتى المدارس الحكومية أصبحت باهظة التكلفة لايستطيع معظم المواطنين الإيفاء بمطلوباتها ، سيدي…… تعال مرة وأدخل المطاعم ، تجد الجياع الصغار ينظرون من على البعد فراغ زبون من أكل وجبته فينقضون على ماتبقي من أكله إنقضاض الصقر علي الفريسة في غفلة صاحب المطعم وعماله ويجرون سريعا قبل أن يدركهم الصوط ، صدقني يا سيدي…. رأيت والله هذا المنظر أمامي وتاسفت على حال هؤلاء المساكين الذين أنت مسؤول عنهم أمام الله سبحانه وتعالي…
لوعثرت بغلة في العراق لسألني الله منها لما لا تصلح لها الطريق يا عمر ، هكذا كان سيدنا عمر بن الخطاب يقول ويبكي ، أين أنت منه ؟،،يا سيدي المواطن صار لايفهم مايحدث في هذه البلاد الغريبون أبناءها ، البلاد التي ظلت تضيع كل يوم وتضيع وحالة المواطن كل يوم يحوم عليها ( السجم والرماد) ، لا زكاة ترعاهم ولا رعاية صحية يجدونها مجانا ولا تعليم إلا الذي نراه في هذا الوضع الأليم
المواطن المغلوب علي أمره الجائع لا يهمه فولكر أتي أم فولكر ذهب أم سلك قال أم برمة نفى أم كرتي توعد ، هذا كله لايهمه مايهمه هو أن يكون آمنا في سربه من جوع ومن خوف ، صار حال المواطن غير امنا في سربه لانه لايستطيع امتلاك قوت يومه ، المواطن حلمه فقط أصبح مائدة من السماء تأتيه حتى ولو كانت فوما أو بصلا و يقول المثل (حلم الجعان عيش) !
يا سيدي البرهان حذاري من غضب الجوعي وثورتهم التي إن قامت لا تبقي ولا تذر ، اهتم بمعاش الناس ودعك من الذين يريدون أن يشغلونك بفولكر قال أو أمريكا (جات) أو إسرائيل أو فحيح أفاعي الداخل أو الغربان المهاجرة ذوات الأصوات القبيحة التي تغرد بالخارج
سيدي ….. إن أمنت معاش الناس وجعلتهم آمنين في ديارهم فهذا هو المطلوب أولا واخيرا ومابينهما نوافل…. سوف تنجح وتستمر وإن لم تفعل ذلك أعلم أن الكرسي الذي تجلس عليه يشبه كرسي الحلاق يملكه من يجلس للحلاقة وينزع منه بعدها وربما تسمع قول( نعيما) أو لا فحافظ على مقعدك بماقلت… ، لا خير فيَّ إن لم أقلها ولا خير فيك إن لم تسمعها .