زهير السراج يكتب.. متى يرتاح الشهيد أحمد الخير ؟!
متابعات / شبكة الرائد الإخبارية
رغم الحكمة من عدم التعجل في تنفيذ حكم احكام الاعدام لاحتمال ظهور أدلة إضافية لاحقاً تظهر براءة المدان، كما حدث في الكثير من القضايا في العالم، إلا أن تبرير تأخير تنفيذ بعض الأحكام القضائية في السودان بعدم تشكيل المحكمة الدستورية، ومنها أحكام الاعدام التي صدرت ضد قتلة الشهيد (أحمد الخير)، لهو خطأ واضح في فهم القانون من الممكن قبوله إذا صدر عن شخص عادي، ولكن أن يصدر من رئيسة القضاء السابقة نفسها، فهو أمر يثير الشكوك حول الغرض من ذلك التبرير الذي لا يزال المجلس السيادي يستند عليه في عدم تنفيذ أحكام الاعدام!
يقول الأستاذ (سمير شيخ الدين المحامي) بأنه “صار من القناعة الراسخة لدى قطاع كبير من الجماهير، أن القصاص من قتلة الثوار لم يحدث لعدم المصادقة عليه من المحكمة الدستورية التي لم يتم تشكيلها حتى الآن، وهو اعتقاد خاطئ ومضلل سببه تصريح السيدة رئيسة القضاء السابقة بأن الحكم ينتظر المصادقة عليه من المحكمة الدستورية، وعندما يصدر مثل هذا التصريح من أعلى سلطة قضائية بالبلاد فهو يفصح إما عن جهل فاضح بالقانون والدستور، أو تعمد لتعطيل سير العدالة بعدم تمام النفاذ للأحكام القضائية واجبة التنفيذ”.
نصت المادة ( ١٢/١/ل) من الوثيقة الدستورية على اختصاص مجلس السيادة في ( المصادقة على الأحكام النهائية الصادرة بالإعدام من السلطة القضائية، وفق القانون)، ولعل الخديعة أو الالتباس الذي انصرف للأذهان بمصادقة المحكمة الدستورية على أحكام الإعدام هو الخلط بين السلطة القضائية والمحكمة الدستورية، واعتبار الأخيرة قمة الهرم القضائي، وهو تفسير كان ممكناً في النظام القضائي للعهد البائد الذي منح المحكمة الدستورية سلطة مراجعة ونقض أحكام وأعمال المحكمة العليا في غير القضايا الدستورية التي تنفرد في الاختصاص بها، ومرد ذلك أن النظام البائد منح المحكمة الدستورية تلك السلطات”!
أما في الوضع الحالي الذي تغيرت مصادره ومرجعياته القانونية، فلم يعد للمحكمة الدستورية علاقة بالهيئة القضائية حسب المادة ( ١٣/١ ) من الوثيقة الدستورية التي تنص على ان (المحكمة الدستورية محكمة مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية تختص برقابة دستور السودان والتدابير وحماية الحقوق والحريات والفصل في النزاعات الدستورية)، وهو نص واضح لبيان التفرقة بين المحكمة الدستورية والسلطة القضائية واستقلال كل منهما عن الأخرى”.
وبذلك يتضح أن المحكمة الدستورية لا علاقة لها بالمصادقة النهائية على إحكام الإعدام، وحتى لو تم تفسيرها من باب ممارسة سلطاتها فى حماية الحقوق والحريات، فإن التفسير يتعارض مع النص الصريح باستقلالها عن السلطة القضائية التي تُعتبر محكمتها العليا سدرة منتهى مراجعة الاحكام القضائية ومن بينها أحكام الإعدام قبل إجازتها النهائية من مجلس السيادة”.
خلاصة القول بأن الوثيقة الدستورية فصلت في أمر المصادقة النهائية على أحكام الإعدام الصادرة من السلطة القضائية وتأييد المحكمة العليا بأنها سلطة المجلس السيادي منفرداً دون أدنى صلة للمحكمة الدستورية المستقلة والمحددة الاختصاصات مما يجعل القول بأن إرجاء تنفيذ أحكام الإعدام بحق قتلة الثوار لحين قيام المحكمة الدستورية محض خداع للجماهير، وتدليس باطل ومخالفة للدستور والقانون روجت له السلطة الحاكمة وسندته من أعلى سلطة قضائية ليحوز القبول والحجية دون أدنى اعتبار لمقتضيات العدالة وسيادة القانون، وغالباً ما يكون السبب في عدم المصادقة النهائية لأحكام الاعدام هو محاولة كسب المزيد من الوقت واطالة عمر القتلة”.
لذلك، وتصحيحاً للمفهوم السائد والمطلب الشعبي بقيام المحكمة الدستورية للمصادقة على أحكام الإعدام على القتلة، فإن الصحيح (مطالبة مجلس السيادة بالتصديق على تنفيذ أحكام الإعدام)، وهو من صميم اختصاصاته بموجب الدستور” (انتهى).
كان ذلك ما جاء في حديث الاستاذ (سمير شيخ الدين) المحامي الذى أوضح بشكل كامل أن المحكمة الدستورية ليس لها من قريب أو بعيد أية علاقة بالمصادقة على أحكام الاعدام، فمتى يرتاح الشهيد أحمد الخير في قبره، وتبرد النار التي تحرق حشا أسرته ؟!