المقداد خالد يكتب …الثورة التونسية (آخر معاقل أوهام الديمقراطية والسلطة المجتمعية) تحتضر
الجيش التونسي يقف بجانب الرئيس التونسي قيس سعيد ضد الحكومة التونسية المختارة من قبل حزب النهضة المنتخب من الشعب التونسي في 2019.. حزب النهضة (الذي فشل في ضبط زمام الإنفلات الإقتصادي والأمني بسبب عدم إحكامه على القبضة الأمنية الضابطة للفساد والتلاعب) الآن أدرك جيداً -كما أدرك من قبله إخوان مصر بعد فوات الأوان – أن الديمقراطية ليست إلا سرابٌ يحسبه الظمآن ماء وأنهم لم يكونوا يسيروا في الإتجاه الصحيح.
اضطر الآن حزب النهضة أن يستقيظ من أوهام الديمقراطية وأن يخالف الدستور بعزله للحكومة (بعد اشتباهات بشراء الجيش لذمم بعض الوزراء) وتعيين حكومة جديدة دون أخذ موافقة رئيس الجمهورية ولا حتى مشاورته !
ولكن يبدو أن الوقت متأخر جداً لهذا الاستيقاظ.
تأملوا يا إخوة في حال ومآل جميع ثورات الربيع العربي وفي حال جميع الديمقراطيات حولنا في العالم.. جميعها مغلفة ولا تعطي للشعوب مساحة واسعة للاختيار.. وإذا خرجت عن الإطار الضيق المرسوم لها فسرعان ما يتم الإنقلاب عليها من قبل القوة العسكرية.
نحن لا نرفض الديمقراطية ولكن ينبغي أن نعلم (ونعمل) على أنها عبارة عن حالة مثالية وأحلام وردية، لأنه ببساطة لا توجد قوة عسكرية خالية من الاستقطاب.. فبالتالي لا توجد قوة عسكرية إلا وتحمي أجندة محددة.. فبالتالي لا توجد قوة عسكرية تحمي الديمقراطية دون سقف.
باختصار : إذا لم تكن لديك حاضنة عسكرية تحمي مجيئك بالديمقراطية فلا تبكي على فقدانها !
(في أول تعليق رابط لمقال يبين هذه الحقيقة بصورة أكثر تفصيلاً بالسرد للتجارب الديمقراطية في وطننا العربي ولحال الديمقراطية في آسيا وأوروبا وأمريكا)
من عطايا الله للحركة الإسلامية السودانية أنها استوعبت هذا الدرس منذ زمن مبكر، فتفوقت بذلك على جميع الحركات الإسلامية في العالم.
لذلك بدأت قوى إقليمية في استهداف القوات المسلحة بمختلف الطرق منذ سنوات وبعد ثورة ديمسبر حققت قفزات في ذلك ولكن مازالت بحمد الله القوات المسلحة (كمؤسسة لا كقيادة) تعبر عن هوية البلاد ومصالحها الوطنية والمجتمعية.. (ومازالت الحرب سجال) !