بشارة جمعة أرور يكتب: تشخيص للأخطاء

الخرطوم/ الرائد نت

ثلاثة أسابيع حسوما

لقد فار التَّنُّور و إنكشفت العورات وبان المستور…

إذا لم تكن الشعارات والمشاريع واضحة ومقصودة لذاتها كما هي، ليست هناك أي حرج أو إستحياء في إعادة صياغتها لكي تلائم ضرورات المرحلة وفق التغييرات التي طرأت على علامات المرور التي أصبحت كلها صفراء،أقصد الشعارات والمشاريع الجوفاء والوعود الكذوبة بإسم المواجهة إلا أنها أصبحت معروضة تحت، تحت بالغتغيت والدسديس للتسوية عبر تفاوض ومساومة سرية من أجل المشاركة…، وبحسب ما وصلت إلينا من معلومات مؤكدة بنسبة مائة في المائة، وكما نمى لعلمنا فإن القوم ظلوا يتصلون ويتواعدون ويتواصلون خلصة ليل نهار إلى تاريخ كتابة هذا المقال.
هل تصدق يا مؤمن يا صديق بأن الجماعةإياهم، إتصالاتهم وتواصلهم مع الذين كانوا أحباب وحسن أولئك رفيقا وزملاء في المنظومة الحاكمة لم تنقطع بعد إلى يومنا هذا؟!طبعا ليست في الإطار الإنساني والاجتماعي أو الثقافي…والعجب أنهم مازالوا يصرون في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفِهم، على ضرورة إيجاد الحلول البديلة والممكنة لتجاوز أزمة الطلاق البائن بينونة كبرى فاستحالت العشرة بينهم و بالطبع لا تحل إلا أن…وتلك…ليه يا شمعة سهرانة…ولا طريتي زول ناسيكي في ذكراهو…(حسبنا الله ونعم الوكيل،والله العظيم دي محنة…).
فإذا لم تكن قادر على الصمود والمبدئية، “و طيب مالك كنت منتفش ومنتفخ في الفاضي، ما كان تمشي دغري عشان عدوك يحتار أو كمان تفاوض عديل بالباب بدل التليب بالشبابيك وزيارات الليل وإِتباع خطواتهم وأدبارهم…”

إذا لم تكن مدرك الأخطاء والتجارب التي حدثت عندما كنت المسؤول، فلا بأس أن تكتشف ذلك بعد السقوط التاريخي الداوي (فض شراكة المتعة المؤقتة) وليس بعيب أن تتراجع في لحظة صحوة ضمير متأخرة بدل التعنت والتمادي في الانتهازية المخجلة، فالرجوع للحق فضيلة.

وإذا لم تتفق مع الجماعة إياهم حسب رغبتك للتكيف مع المتطلبات الظرفية ومؤشرات المواكبة فالاضطرار إلى خيار التراجع عن التشدد تحت ضغوط الظروف السياسية الإقليمية والدولية المختلفة ليس عيباً…(فولكر و من معه قالوا لملموا الجراح وراحوا لحالهم، وأرجو أن تقبلوا عذره إذا قدم الاعتذار…)

إذا لم تكن لديكم رؤية إستراتيجية تصوب أخطاءكم ما كان عليكم أن تترك الباب مفتوحاً لإحتمالات الضغوط، داخلية كانت أو خارجية فالبأس كل البأس أن تنزلقوا من الإفراط في التشدد غير المبرر إلى التفريط في التحولات الفطيرة التي ليست لها أي لازمة، وهذا ما كنا نتخوف منه.

إذا لم تكونوا ساسة وقيادة تتحلّى بالحكمة والموضوعية والقدرة الكافية لقراءة الواقع وتطورت الأوضاع السياسية مع وضع الاحتمالات والتحسبات الضرورية للمآلات النهائية، وتقودوا البلاد والعباد بعد ذلك بعقلانية تلازمها الإرادة الحرة والعزيمة والقدرة لمواكبة المتغيرات نحو التحول الديمقراطي بالتدريج، كان الأفضل أن تردوا الأمانة إلى أهلها، وتوفُوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً، دون إيصال البلاد والعباد لحالة الهرج والمرج الحاصل اليوم.

تلك الأسئلة وغيرها تطرح أمام الجميع تحديات كبيرة، والاستجابة لمواجهتها تتطلب رؤية ثاقبة متكاملة ومسنودة برأي سديد، وجهد متسق من كل المعنيين على الصعيدين الرسمي والشعبي. لأن ما تثيره الأسئلة المطروحة آنفاً، شأن قومي ذو خطر بالغ لا يعني الحكومة لوحدها وإنما كل القيادات السياسية والإدارات الأهلية الجمعات والكيانات الدينية والشعب بأسره.
فإن الأمر أخطر من أن نتركه يمضي هكذا دون إسهام منا لينتهي بنا إلى خير أو شر حسب تقدير المتحكمين في رقابنا. وفي التعامل مع هكذا شأن لا يجدينا الانفعال فقط بالأني المؤقت دون المستقبلي الإستراتيجي ولا مع المحلي المحدود دون الوطني الشامل. كما أن شأناً كهذا لا تجدي معه نزعات المزايدة والشماتة والتشفي بل المطلوب أقصى درجات العقلانية والموضوعية والحكمة،مع إمعان النظر في حسابات الربح والخسارة للوطن في هذه المرحلة الحرجة.
وإذا كان الأمر شأن قومي كما أسلفنا، فإن التعامل والتعاطي الصحيح معه يتطلب فهماً دقيقاً لأبعاد مخاطر التساهل والتهاون في حسم الأمور حتى نتجنب الابتسار والتبسيط المخل في المعالجات للمشكلات والظواهر السالبة التي لأزمت الفترة الانتقالية ومازالت.
ويستطيع المرء أن يلحظ الاِبتِسار في بعض الكتابات التي تتناول القضايا الوطنية في ضوء المشاحنة والتنافر السياسي بدون الإحاطة بأبعاد المشكلة التي تستوجب في تقديرنا إعطاء خلفية تاريخية عن المشكلة وتطورها، ليس نكأً للجراح ولا إستدعاءاً للمرارات، وإنما لضرورة ذلك لأغراض الحاضر والمستقبل.
أجل فإذا كان الإلمام بمعطيات الحاضر أمراً لازماً لحسن إدارته، والقدرة على قراءة إتجاهات المستقبل ضرورية للتخطيط السليم له، فإن الخلفية التاريخية للمشكلات والأزمات الوطنية هي الذاكرة. ولا غني عن الذاكرة ومخزونها من التجارب والعبر والدروس المستفادة سواء لإدارة الحاضر أو التخطيط الإستراتيجي للمستقبل.
وعليه يجب أن نستعد جميعاً من الآن للإقلاع إلى أفاق المستقبل المشرق بروح الفريق الواحد المتجانس والمنسجم، وهذا يعني التسامي والترفع فوق الصغائر ونبذ الفرقة والشتات وتجاوز كل المرارت منذ إستقلال السودان إلى أن تم إستغلاله…، و لابد من توظيف الطاقات لأجل النهوض بالبلاد.
وإذا لم نتحاور لنتصالح ونتسامح لكي نصل إلى التوافق الوطني لانجاح الفترة الانتقالية قبل نهاية هذا الشهر، فإستعدوا للفوضى الخلاقة وانهيار الدولة الحتمي وليستعد الأعمى لحمل الكسيح لأن كل سيكون أمام منعطف خطير وهاوية سحيقة والزمن المتبقي لا يكفي…
إذاً لابد من الإسراع في إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتدارك الأمور والاوضاع المضطربة التي كان سببها الشعارات والمشاريع الجوفاء والوعود الكذوبة التي تم تسويقها بطريقة بهلوانية، وكذلك يتم الآن عرضها للبيع بغرض التسوية والمساومة من الحصول على إتفاق…، ماعدا شعار حزب العدالة (حرية-سلام وعدالة والوحدة خيار الشعب) لأنه مشروع وبرنامج متكامل لا يمكن أن يشترى أو يباع ولن يستطيع أحد أن يجرؤ على ذلك…
فليكن معلوم للجميع من اليوم أن هناك ثلاثة أسابيع حسوما…إذا لم تكن هنالك تدخلات حاسمة ومؤشرات واضحة لمواقف قوية تناسب المخاطر المحدقة بالبلاد، نتوقع عملية جراحية طارئة بدون تخدير لوقف النزيف في أقرب وقت ممكن. وربما تتم طبخة حَلّة قطر قام لأمر جلل قد يحدث.

(حرية-سلام وعدالة والتوافق الوطني خيار الشعب / حرية-سلام والوحدة خيار الشعب)

التعليقات مغلقة.