صفقات مشبوهة تهدد ثروات الشعب.. رشان أوشي تكتب..
متابعات/الرائد نت
سيدي الرئيس “عبد الفتاح البرهان”، رئيس مجلس السيادة الانتقالي وراعي الأمة السودانية، قائد أبطال معركة التحرير الكبرى، اسمح لي أن أبثك حديثي هذا:
إن كل تأسيس مزمع حالياً يجب أن يكون أساس بنائه منطلقاً من مفهوم الدولة بكل ما يحمله من شروط. إنه لمن المرعب والمخيف أن تُرتهن الدولة من قِبل تحالف “شلليات” تربطها مصالح اقتصادية، وبالتالي تتحرك كل الأفكار والسياسات وتُرسم كل التوجهات والمصائر على النمط الذي تحدده هذه المجموعات بفضل القوة المحتكرة للقرار الحكومي والمخطوفة بالمال وشراء الولاءات.
في خضم هذه المشاهد الدموية التي يعيشها شعبك الصابر، تحاول “شلليات” الفساد ليس تصفية مؤسسات الدولة فحسب، بل إبادة أي مساعٍ للإصلاح ومحوها من الوجود، في ظلّ لا مبالاة غير مسبوقة من قادة الدولة ورعاة الناس.
الذهب لم يعد مصدرًا للتنمية، بل أصبح عصباً للحرب والفساد. بين تنافس الميليشيات، وشبكات التهريب المحلية والدولية، وتواطؤ المؤسسات، فقد دخل السودان في دوامة من السرقات والتلوث والتدمير الثقافي والاجتماعي.
لكن بالتزام شفاف، واستعادة مؤسسات الدولة المستقلة، وتنمية مستدامة لمناطق استخراج الذهب، يمكن تحويل هذا المعدن من رسالة حرب إلى رافد تنمية حقيقية.
أمس الأول، وقع وزير المعادن “نورالدائم طه” اتفاقية استثمارية مع شركة “ديب ميتالز” للتعدين، وقالوا إن قيمة الصفقة تتجاوز الـ(277) مليون دولار.
بعد ساعات من التوقيع الذي اجتهد الإعلام الموجّه في الترويج له، اكتشف الرأي العام أن رجل الأعمال المصري الذي ظهر في حفل التوقيع يمتلك (47%) فقط من الأسهم، بينما البقية موزعة بين رجل الأعمال “عمر النمير”، بطل قضية بنك النيلين فرع أبوظبي الشهيرة، ورجل الأعمال “مبارك أردول”، الموظف السابق بحكومة السودان.
إن تجاوزنا السؤال عن مصادر أموال “مبارك أردول”، المدير السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية، التي جعلته يمتلك أسهماً ويدير شركة تعقد صفقات بملايين الدولارات، كيف لنا أن نتجاوز حقيقة أن “نورالدائم” وزير المعادن، و”مبارك أردول”، و”عمر النمير” هم أصدقاء تربطهم مصالح شخصية لا علاقة للشعب السوداني بها ولن يجني منها شيئًا.
بلادنا المنكوبة تكرر يوميًا سؤالاً، وهو: “أين الدولة؟”… إنه سؤال مشروع وأساسي، لكن قبل كل ذلك، أين البيئة الوطنية التي تريد فعلياً بناء الدولة؟! هل سلوك كبار الموظفين والوزراء يعبر عن اندفاعٍ حقيقي تجاه ذلك التأسيس المنشود؟
يتم توقيع الاتفاقيات الاقتصادية على موارد الشعب السوداني بعيداً عن الرأي العام، لا تُنشر تفاصيل العقود، مثل نسب المشاركة أو شروط تقاسم الأرباح، بجانب ظهور شركات غير معروفة أو ذات سجل تجاري غامض وامتلاكها امتيازات كبيرة.
تضارب المصالح بائن، وشبهة وجود مسؤولين حكوميين شركاء خفيين في هذه الشركات متوفرة. هل من المصادفة أن يكون “خالد شمو”، مالك ومدير عام شركة (MBS) التي أشرنا إليها في مقالنا السابق حول احتكار استيراد كيماويات التعدين، هو ابن خالة “أحمد هارون”، مدير هيئة الأبحاث الجيولوجية؟ والاثنان متواجدان ضمن وفد وزارة المعادن في “القاهرة”. إنها بينة على استخدام نفوذ الوظيفة العامة لتسهيل منح التراخيص، التصاديق، والامتيازات الحكومية.
أما الكذبة الكبرى التي خرجت عن رحلة وزارة المعادن إلى جمهورية مصر، فهي مشروع مدينة المعادن، وما هي إلا “بروباغندا” ليقتات منها الرأي العام حتى تمر الصفقات المشبوهة.
أين الحل والحسم في هذا المأزق المؤسساتي الذي لا سابق له؟ وأين مبدأ حماية موارد وثروات الشعب السوداني؟
سيدي الرئيس، هل تعلم أن أحد أهم الشخصيات التي تسيطر على سوق تعدين الذهب وتحظى بامتيازات حكومية من رجال الأعمال، كان يشتري من “الجنجويد” سبائك الذهب المنهوب من بنوك الخرطوم، ويربح ما يقارب مائتي جرام في الكيلو الواحد، وكان يجمع الذهب في منطقة “أمبدة”، ويشهد على ذلك سكان الحي.
خلاصة الأمر، أن أفظع ما في غياب الدولة الحالي، أنه يغلق جميع أبواب العودة إلى حياة وطنية عادية.
محبتي واحترامي
التعليقات مغلقة.