الخرطوم/ الرائد نت
سيدى الكتابة في مقامك عنت شديد، ارهاق للكاتب، وامتحان عسير، واحراج لحروف اللغة رغم سموها، في مقام تكون انت حضوره الطاغي ومصباح انارة معانيه في جوقة الظلمة الكالحة.
سيدي الوم نفسي التي تقاعست سنوات، وهي لا تدفع يراعى ان يسكب مدادا عن ذكرى تمر علي رحيلك، فلا تفتح دفاتر سيرتك العطرة، وتقرأ فيها، فيصوغ يراعي ذلك لحنا قدسيا عند بوابة قبرك، الذي يقف شاهدا علي اثر عظيم كنت فيه الركن الركين انتماءا، وانتظاما، والتزاما، وتفكيرا، وسياسة، وقيادك، فعبرنا بك ومعك مسافات في الولاء والطاعة، والايثار والجهاد، والمجاهدة، والتضحية، ونكران الذات، وفوق هذا وذاك ادب الاخاء، الذى لا تعكر صفوه جهوية، او اثنية، او درجة علمية، او جاه او سلطان.
سيدي هانا اسطر اعترافا بعقوقى وانا اكتب اليك عند ذكري رحيلك السادس، غير ان هذا الاتيان المتاخر خير من عدمه، وان كان اقل الدرجات والمراتب، الا انه يسجل اتيانا.
ولكن سيدي بعد كل هذه الستة التي مضت، مازال قومي يبحثون عن طرف خيط ( النظام الخالف)، وهم عاجزين عن التقاطه، ستة سنوات سيدي ولم يصل القوم الي طرف الخيط، ولا ادري ان امسكوا به قطعوه ام نجحوا في تتبعه وصولا الى النهايات.
سيدي ان القوم افتقدوك عند اول منعطف بعد رحيلك، فما استطاعوا ان يواجهوا تيارا غربيا، في ظاهره فتح واصلاح، وفي باطنه كفر والحاد، صب جل اهتمامه في تغيير سلوك الجماهير، مستهدفا الدين، ومناهج التعليم، وقيم المجتمع، ظنا منه ان محاربة الدين تعني محاربة الكيانات التى تجعله برنامجها وبرنامج المجتمع.
سيدى ليتك كنت بيننا لتحدثهم عن اولئك الذين فتنوا في دينهم، وتحدثهم عن عمق التدين في مجتمعنا، والذي تضرب جزوره في الخلاوي، وادبيات الطرق الصوفيه، وعمار المساجد، والمتحلقون حول الدروس، والزاحفون مع علو صوت المؤذن نحو المساجد، وفي حلقات الذكر وحب المصطفى ، وان كل هذا الارث لا يمكن ان يتحول بخذعبلات قراي ولا بقوانين المريسة ولا بدعاوي محبة النصاري.
سيدي، كم من اناس ماتوا فما فقدهم احد، ولكن افتقدناك سيدي، حتى عجز الصبر عن محاصرتنا، فانت فينا ملاذ امن، ورأى سديد، وعنوان للتسامح، ومعنى للسمو فوق الخلاف، وذو نظر وبصيرة، دائم الصفح، ممتص لكل ترهات الاخرين.
سيدي اسال الله أن يفتح لك كل الابواب، فما اوصدت وجهك في باب من طلبك، وان للعلي القدير ابواب كثيرة وافضاله لا تعد ورحمته وسعت كل شي،فبكلها نساله لك القبول.
