خارج السياق | مديحة عبدالله تكتب: الشرق والترسيم لأرض الجدود!

0

متابعات/ الرائد نت

اتخذت السلطات قرارًا بتشكيل اللجنة الفنية العليا لتخطيط وتعيين الحدود الإدارية للقبائل والنظارات في ولايات شرق السودان الثلاث وجاء ذلك بضغوط قبلية، حيث كانت مهمة اللجنة بداية (إعادة ترسيم حدود ولايات شرق السودان) فأصبحت مهمتها (تفكيك وترسيم الحدود الإدارية للقبائل والمشيخات في ولايات الشرق) وطلبت اللجنة من القبائل إعداد وإنتاج خرائط تؤكد ملكيتهم لأراضي الجدود.. (سودان تربيون 23 فبراير الجاري).

وبرزت أصوات من الشرق مضادة لتوجه القرار، وطالبت بأن يكون الترسيم بين حدود ولايات الشرق وليس وبين (حدود القبائل) وتلك قضية في غاية الأهمية، أتوقع أن تكون الشغل الشاغل للقوى المدنية في البلاد، تلك التي تناضل من أجل التأسيس لدولة المواطنة، حيث السودان ملك لكل السودانيين، وكل جزء فيه متاح لإقامة وعمل وتملك أي سوداني وسودانية دون تمييز بسبب القبيلة أو العرق أو النوع أو الدين، دولة المواطنة ومبادئها لا بد أن تكون حاضرة في يوميات الثورة (مواكبها وأعلامها وشعاراتها)..

وتلك مهمة وهدف لا يمكن تأجيله (لما بعد إسقاط سلطة الانقلاب) فهذه السلطة تسعى جاهدة لإعادة تشكيل الواقع بما يعزز هيمنتها، مستندة على إرث الانقاذ المظلم في ترسيخ (القبلية) وهو أمر ليس له علاقة بالإقرار بوجود القبائل ككيانات اجتماعية مؤثرة في الحياة الاجتماعية في البلاد، إلا أن (القبلية) كانت أحد عوامل مؤثرة في التصعيد ضد الحكومة المدنية وإغلاق الطرق القومية وحرمان البلاد من الاستفادة من الميناء القومي، مما تسبب في أضرار اقتصادية اجتماعية ما زال السودان والسودانيين يدفعون ثمنها..
إن إعادة ترسيم الحدود بين القبائل، ليس مجرد علامات على الأرض، إنه أمر يرتبط مباشرة بالصراع على ملكية الأراضي والثروات وليس ذلك فحسب بل يرتبط مباشرة بملكية المنشآت القومية، ولنا أن نتصور خطورة أن يتصاعد النزاع في الشرق حول ملكية ميناء بورتسودان، والموانئ، والمواقع الأثرية السياحية، والثروات المعدنية والسمكية والحيوانية، إن ذلك لا يهدد بتفتيت الشرق بل كل السودان، فارتدادات ذلك القرار ستمتد لكل أنحاء الوطن الذي يعاني من شروخ عميقة دامية تنخر في كيانه باسم (ملكية الجدود والقبلية) وبكل ما يترتب على ذلك من خطاب كراهية وعنصرية مضاد لخطاب وشعار دولة المواطنة..

اترك رد