بعد الغروب | بدر الدين حسين على يكتب: الوطنية التي ارهقت البلاد.
الخرطوم الرائد نت
السودان ومنذ استقلاله البعيد ظلت الوطنية هي هي الحلقة المفقودة، في ذات الوقت الذى كانت الولاءات التحتية تتصاعد بصورة كبيرة، حتي طغت الحزبية والقبلية علي الوطنية فضاع مشروع الدستور الدائم للبلاد، والذي كان يعول عليه ان يؤسس للحد الادني من المسلمات الوطنية، التي يتفق عليها وتكون هاديا للاحزاب في تصميم برامجها الانتخابية، الا ان الاحزاب والزعامات وحتي الحكومات التي تعاقبت علي البلاد انعدم الحس الوطني لديها، مما اعاق نمو وتطور السودان الي يومنا هذا.
فالازهري صانع الاستقلال كما يطلقون عليه، لم يكن وطنيا وهو يساؤم الجنوبيين لكسب اصواتهم لصالح حزبه مقابل تحقيق مطالبهم، والتي تجاهلها في اول منعطف حينما لم يلتزم باعطائهم حقهم في سودنة الوظائف، فخلق بذلك بداية التزمر الجنوبي، كما انه لم يكن وطنيا وهو يحاصر ويضغط علي حكومة عبد الله خليل من اجل العودة إلى الحكم.
وعبدالله خليل لم يكن وطنيا وهو يقوم بتسليم الحكومة للعسكر بايعإز من حزب الامة بدلا من التداول السلمي للسلطة وتمهيد الطريق للسودان للسير في طريق الديمقراطية.
والفريق ابراهيم عبود لم يكن وطنيا وهو يوقع علي اتفاقية مياه النيل مع الجانب المصري ويرضى بالفتات ثم لا يحافظ علي حقوق السودان في الاتفاقية وهو يعلم كمية المياه التي تذهب الي مصر من حصة السودان فى مياه النيل.
وحكومة اكتوبر اربعة وستون لم تكن وطنية وهي تقف ضد رغبة الجنوبيين في استفتاء عام للخيارات الثلاث الفدرالية او الوحدة او الانفصال، ولم تكن حكومة اكتوبر وطنية وهي تستبعد رئيس الوزراء محمد احمد المحجوب صاحب الخبرة والامكانيات لتاتى بالصادق المهدي دون امكانيات غير خروجه من بيت المهدي.
وحكومة مايو لم تكن وطنية وهي تتناوشها الخلافات في السنوات الثلاثة الاولي لحكمها، ولم تكن وطنية وهي تضرب الجزيرة ابا مستعينة بدولة اجنبية، ولم تكن وطنية وهي تجعل الاتحاد الاشتراكي السوداني صنما يعبد وتفتح السودان لترحيل اليهود الفلاشا. وحكومة
وحكومة الديمقراطية الثالثة لم تكن وطنية وهي منشغلة بصراع الكراسي والمحاصصات حتي بلغت حكوماتها المشكلة خمس حكومات في ثلاثة اعوام، وحاربت الوزير ابو حريرة لانه حارب الفساد الحزبى، ولم تكن وطنية والبلاد تتهدده اخطار المجاعة والاحزاب تتقاسم المعونات وتكدسها فى مخازنها وتتاجر بها.
والانقاذ لم تكن وطنية وهي تحتكر التجارة والصناعة في البلاد لمن تريد، وتريد ان تحكم الى يوم القيامة، وتدخل البلاد في تحالفات لا تنفعها ولا تغنها من جوع، وتتصارع داخل مكونها الحزبى صراعا ضارا من اجل السلطة. والانقاذ
وحكومة الفترة الانتقالية لم ولن تكون وطنية ومعظم قادتها عملاء مخابرات ويعملون بالوصايا، واحزابها انتهازية، ولجان مقاومتها بنزعون الارصفة لتتريس الشوارع ويسقطون اللافتات وينزعون اعمدة الانارة من الطرقات ويحدثونك عن الوطن والوطنية.
السودان ما دام يفتقر الي الوطنية فان الثورات والتظاهرات وتغيير الحكومات لن تغير منه شى، ما لم ينشأ الشعور الوطنى، هذا الالتزام الاخلاقي نحو الوطن الذي يبعث الشعور الوجداني لحبه والعمل من اجل نهضته والتضحية في سبيله.