بالمرصاد | الصادق مصطفى الشيخ يكتب: الشارع هو البحكمنا (1)
الخرطوم | صحيفة الميدان
الرائد نت
انسحاب حمدوك من المشهد الانقلابي لا بقضية من جرم المشاركة بمنحه الشرعية وأن عراه وجعل رماته في حيرة من أمرهم بالاستمرار أو الهروب من السفينة الغارقة ليس حباً في الشعب ولا الأرواح التي أزهقت في سبيل الوطن، ولكن خوفاً من (مغامر) كما اسماه البرهان في بيان انقلاب 25 أكتوبر 2021م.
فالبرهان إذاً يتحسب لنفسه ومن حوله من العسكر وليس للشعب والثورة بعكس الثوار الذين يدافعون عن مكتسبات مهرها دماء عزيزة ظلت تقدم بلا مقابل منذ عام 1989 مروراً بـ2013م وحتى اللحظة، وأن رأى سماسرة الأرواح أن في إمكانهم صّب مزيد من الزيت في نار الثورة المتقدة فهم واهمون، ومن يدافعونه عنهم زائلون وأعني هنا وأخص الخبراء الاستراتيجيون الذين يملئون الأرض ضجيجاً تارة بفقدان الأحزاب لأسباب تواجهها بسبب الخلافات وتارة أخرى بالانتخابات المؤدية للديمقراطية، ولا ندري بأي منطق يبوحون بهذا الهراء، فكيف يشرف عسكر على الانتخابات وأي انتخابات تلك التي تكون حرة ونزيهة والمال وأدوات الليالي السياسية ولجان الإحصاء السكاني وإعادة اللاجئين والنازحين بيد العسكر عبر شركاتهم، المفترض أن تخصص لتهيئة العملية الانتخابية وتمهيد الفترة الإنتقالية أنهم إذا يروجون لانتخابات ليضمنوا سهولة (جخها) كما كانت تفعل سيئة الذكر الإنقاذ وحزبها المحلول مستفيدين من مال الذهب وشركات التعدين.
لقد سمعت أحد هؤلاء الإنقلابيين يتحدث عن الوصول لاتفاق مع قوى الحرية والتغيير ويقصد برمة ناصر رئيس حزب الأمة والحرية والتغيير (ب)، وأشار لمبارك أردول الذي أسس حزباً بعد الثورة وقبل انقلاب 25 أكتوبر بأيام يقضي الاتفاق على إقامة انتخابات خلال (4) أشهر بعد استفتاء الشعب في رئيس الوزراء، وقال آخر إن العودة للوثيقة الدستورية هو الحل الأنجع والمخرج الحقيقي من الأزمة الحالية، وأشار ثالث بل جزم بأن البرهان سيكلف مجلس السيادة بتعيين رئيس وزراء وإعلان الحكومة في نفس اليوم وأن ذلك لن يتعدى الـ72 ساعة.وبين كل الهطرقات السابقة لا نجد خبيراً منهم يتحدث عن عدم شرعية البرهان بعد انسحاب حمدوك من الاتفاق السياسي الذي وقعه في 21 نوفمبر الماضي ليكون له الحق أو الشرعية بتكليف مجلس السيادة.وإن كان مقترح العودة للوثيقة الدستورية يعني عودة حمدوك والحاضنة السياسية وهي مركزية الحرية والتغيير أو أربعة طويلة كما يطلقون عليها، وقد اجبروها على استيعاب الحرية والتغيير الميثاق الوطني لتكون ضمن الحاضنة، وبالتالي تبعد عن البرهان قلق مطالب الحركات المسلحة واستحقاقات اتفاق جوبا المعطوب.
هذا المقترح يدافع عنه بشدة ويروج له البروفسيور قاسم بدري الذي فتح له مجال الإعلام المقرب من الحكومة وهو ليس سياسي بالمعنى القاصد للسياسي، مما يدل أن وراؤه كل الحقيقة التي لا ينكرها حتى قادة المركزي انفسهم وفق المبادرة التي طرحوها ويتم نقاشها حالياً، مما يعني أن قحت الموحدة انحازت لصف الانقلاب وساروا في طريق حمدوك بمنحه الشرعية، وبالتالي يكونوا قد اضاعوا سانحة تأكيد الاعتذار التي تقدموا به للشعب السوداني في ندوة رابطة شمبات، فأي حديث عن مفاوضة أو حوار أو شراكة في ظل الشارع المتواجد بكلياته على أرض المعركة يعتبر انتكاسة للفاعل وخيانة لدم الشهداء والتأريخ لا يرحم.
مرصد أخير:مما قمنا لقينا الشارع هو البحكمنا
دمتم والسلام..