اللواء ركن (م) موسى حسن أحمد الحاج يكتب: عيد الاستقلال.
الخرطوم: الرائد نت
نتقبل أيام وفي 14 أغسطس من هذا العام احتفلت قواتنا المسلحة وعلى امتداد الوطن بالذكرى الـ(65) لعيد الجيش وهي يحمد الله أكثر منعة وتطور وبسطاً للأمن والطمأنينة وبيدها زمام المبادأة سداً منيعاً لكافة الثغور في مواقع الوطن المختلفة.. واليوم تمر علينا ذكرى عيد الاستقلال الـ (66) كان لابد لنا من إرسال التحية والتهنئة والتقدير لهذه المؤسسة الوطنية والتي كانت حجر الزاوية في الاستقلال.إن القوات المسلحة ظهرت للوجود منذ القدم فالشعب السوداني مقاتل بطبيعته ولكن قوة دفاع السودان التي أنشئت في العام 1925م بمنشور باسم الحاكم العام الإنجليزي آنذاك كانت هذه القوة سبباً مباشراً لنيل الاستقلال فقد نشبت الحرب العالمية الثانية وتوجهت القوات الإيطالية جنوب شرق السودان بهدف احتلاله والاستمرار إلى أن يتم احتلال ليبيا والصومال مروراً بمصر بفرض تكوين إمبراطورية موسليني بعد أن تم حشد قوات كبيرة قدرت بأكثر من ثلاثمائة ألف جندي أجنبي ولكن تدافعت قوة دفاع السودان كما هب الشعب السوداني للدفاع عن أرضه وفُتحت مراكز التجنيد وتضاعفت القوة المدافعة عن الوطن وتم استرجاع كسلا في وقت وجيز ويؤكد المؤرخون أن معركة كسلا من المعارك الحاسمة في الحرب العالمية الثانية وقد مهدت لانتصار الحلفاء على دول المحور في ميدان شرق أفريقيا وبسبب هذه المعركة أصدرت الحكومة البريطانية منشوراً بكفاءة المقاتل السوداني وقررت تكوين قوة لواء من السودانيين للعمل مع الحلفاء في شمال أفريقيا وصدرت نشرة تفيد بتطبيق ميثاق حلف شمال الأطلنطي على السودان يقضي ذلك الميثاق بإعطاء المستعمرات التي يشارك جنودها في الحرب حق تقرير المصير.الجدير بالذكر أن قوة دفاع السودان كانت تقاتل بلوائين الأول في المنطقة الشرقية أثيوبيا وأريتريا وفي الاتجاه الاستراتيجي لشرق السودان. واللواء الثاني في شمال أفريقيا وكان قادة القوات في ذلك الوقت على النحو التالي:
اللواء الأول: اليوزباشي أحمد عبد الوهاب، اليوزباشي حسن بشير نصر، اليوزباشي أحمد عبد الله حامد وآخرين.
اللواء الثاني: اليوزباشي أحمد أبو بكر، اليوزباشي محمد نصر عثمان، اليوزباشي أحمد مجذوب البخاري وآخرين.مشاركة القوات المسلحة في إعلان الاستقلال من قبة البرلمانومن مفكرة شاهد عسكري على التاريخ سعادة الأميرالاي يوسف الجاك طه الجعلي رحمة الله حيث قال:بعد ثورة 1925م في مصر انعكست الأحداث على السودان وشكل تنظيم الضباط الأحرار وكان هدفهم الوحدة مع مصر.كما شكل تنظيم الضباط الوطنيين بقيادة اللواء أحمد عبد الوهاب واللواء حسن بشير نصر وآخرين والتقى هؤلاء الضباط بالزعيم إسماعيل الأزهري في منزل الزعيم الطيب محمد خير بمدينة أم درمان حي العرضة وكان معهم اليوزباشي محمد أحمد عروة واليوزباشي عبد الله الأمير إسماعيل والملازم عمر الحاج موسى، انصب الاجتماع في موضوع الاستقلال وبعد ما سمع الزعيم الأزهري ما طُرح في الاجتماع وهو رغبة أكيدة لأكثر المواطنين وأبنائهم في القوات المسلحة أكد لهم حرصه على الاستقلال والتمسك به وأكد لهم بذل كل جهد من جانبه لتحقيق الاستقلال وهي أمنية الأغلبية لأبناء الوطن الأحرار. لذا كانت القوات المسلحة سبباً مباشراً في الاستقلال حيث لعبت دوراً هاماً وحيوياً في استراتيجية الاستقلال وعند إعلان الاستقلال السوداني من قبة البرلمان يوم 19/12/1955م.
التحية لقواتنا المسلحة الباسلة في عيد الاستقلال فهي التي أسهمت بقياداتها ورجالها فيه وصانته وحققت الإنجازات في البناء والتعمير وظلت تحرسه وهي حارسة الدستور والسلام والوفاق في سودان العزة والكبرياء وأكد التاريخ انحيازها لإرادة الشعب في كل ثوراته الوطنية والقومية.إن احتفال قواتنا المسلحة بذكرى عيدها واحتفال أبناء وطننا الأوفياء بذكرى عيد الاستقلال المجيد ليس تجمعاً فكرياً ولا استعراضاً أمنياً رهين بالزمان والمكان وإنما استلهاماً للعبر ووصلاً لما انقطع من جهاد وتضحيات أسلافنا بالقوات المسلحة وقياداتها الوطنية بدءاً بسودنة المؤسسة العسكرية حتى نيل الاستقلال صوناً للعقيدة والتراب وتحريضاً علة قبول التحدي في ساحات الوغى لرد كيد الأعداء ضد أمتنا وقواتنا المسلحة.ولأن ماضيها عريق وانتصارتها عديدة إنها قصة حياة أمة ظلت أبداً تبقي العزة والرفعة وتأبى الذل والهوان وأعطت التاريخ ومنحت العالم أروع البطولات والقصص عن كيف يكون الفداء وكيف تصان عزة الأوطان.
ودرجت بلادنا تحتفل كل عام بهذه الذكرى انعكاساً لجهاد ومجاهدات أسلافنا الأفذاذ من القادة السابقين الفريق أحمد محمد الجعلي ومن سار على دربه والزعماء الوطنيين الزعيم خالد إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب ورفاقهم وبزعامة السيدين الشريفين الجليلين مولانا السيد علي المرغني والإمام عبد الرحمن المهدي بن الإمام المجاهد محمد أحمد المهدي وبقية العقد الفريد في قياداتنا الوطنية والتاريخية التي تقصر المسافة الزمنية عن ذكرهم فرداً فرداً.. فقد تميزوا بالشجاعة والعلم والمعرفة وحب هذا الوطن وبتجرد المؤمن الذي لا يبتغي غير وجه الله إيماناً بالعقيدة وصبراً على المثابرة فلهم منا جميعاً أجل وأعظم التقدير..
واليوم ونحن في صرح المشاهدة ندعو أخواننا وأبنائنا ضباط وصف وجنود للحفاظ على الإرث الثمين وندعو كافة أبناء الوطن لسند قواتهم الفتية هذا الصرح العملاق صرح المجاهدة والمرابطة والمصابرة.. وإننا إذ نذكر ذلك نزداد فخراً بأخواننا وأبنائنا في القوات المسلحة وهي تستشرق اَفاقاً جديدة وعوالم أرحب منددين بالعلم والمعرفة ومن قبلها بالإيمان لصنع غدٍ أفضل وصرحاً يزداد منعة وقوة يوماً بعد يوم بإذن الله.ومع هذه الذكرى الطيبة لابد لنا في وقفة إجلال وإعزاز لأولئك النفر من الرعيل الأول الذين قامت على أكتافهم نواة قواتنا المسلحة الباسلة ذلك لأن عظمة قواتنا المسلحة جاءت من عظمة أولئك الرجال الذين أعطوا وقاتلوا وجاهدوا وثابروا حتى كانت بهذه الحالة التي عليها الآن.. ولابد من الإشادة إلى التطور الذي شهدته على مر الأيام من رجال مؤهلين وعتاداً متطوراً معظمه بأيدي سودانية وطفرة مصحوبة بالعلمية والمنهجية والتخطيط السليم قاد كل ذلك إلى مواجهة جميع المؤامرات المحيطة بالوطن وعكست الوجه المشرق عند مشاركتها في ساحات القتال الإقليميه والدولية (وما حرب اليمن ببعيدة عن الأذهان).إخوتي وأبنائي في القوات المسلحة إن الأعياد الوطنية والدينية ماهي إلا فرصة لمراجعة ما مضى للاستفادة منه في الحاضر واستشعاراً للمستقبل إضافة لذلك فهي إنعاش للروح وتجديد للمعنويات والشباب وبهذه المعاني فإن عيد الاستقلال محطة انطلاق لمستقبل نخطط فيه لإعادة البناء ونسرع الخطى لمستقبل مشرق بإذن الله لوطننا بعد جهاد كان ولا زال متصلاً تتوحد فيه الجهود وتتشابك فيه الأيادي منصهرون في بوتقة واحدة خالية من عصبية الدين والقبيليه واللغة حادينا في ذلك مصلحة الوطن ووحدة ترابه لرد كيد المؤامرات الداخلية والخارجية وللوصول بالمسيرة إلى غاياتها بمشيئة الله.وأخيراً وعبركم جميعاً من أبناء الوطن الأوفياء مدنيين وعسكريين نتقدم بالتهنئة الخالصة ووقفة إجلال وتقدير لقادتنا السابقين والتهنئة للسيد القائد العام وهيئة القيادة ونوابهم وإداراتهم وقيادات المناطق والوحدات في كل شبر من هذا الوطن وللمرابطين وحماة التطور في كل المواقع.. والتحية لأشقاء القوات المسلحة وقياداتها بمختلف رتبهم ووظائفهم في الشرطة الموحدة وأجهزة الأمن المختلفة المجاهدين فلهم منا جميعاً التمنيات بالتقدم والمنعة وداعين الجميع للالتفاف حولهم والشد من أزرهم ودعمهم بكل ما نملك لأنهم حماة الحمى وصمام الأمان سائلين الله أن يتقبل شهدائنا الأبرار على مر الحقب ويدخلهم مدخل صدق عند عزيز مقتدر.