الفاتح جبرا يكتب : سودانهم الجديد

0

الخرطوم/ الرائد نت

أطل ديسمبر بوجهه النائر الثائر وقد انطلقت فيه شرارة الثورة الأولى من (مايرنو) الأبية في يوم ٦ ديسمبر ٢٠١٨م، هذه الثورة التي لم تهب من أجل إقتلاع ذلك النظام الغاشم البائد فقط إنما هي بعث لسودان جديد آخر يؤسس له أبناء وبنات هذا الوطن العملاق تحت ذلك الشعار الذي تصدر ثورتهم الفتية منذ الهبة الأولى وهو (حنبنيهو).
انهم غرس طيب ونبت حلال، هم هبة السماء لشعبنا آتونا مثل المن والسلوى من السماء صغار في السن ولكنهم قادتنا الآن فقد فجروا أعظم الثورات في تاريخ السودان الحديث، انبهرنا نحن الآباء بحجم الوعي الذي يحملونه فعلت هاماتنا شموخاً واعتزازاً بهم وظللنا نرقبهم بشغف تارة وخوف عليهم تارة أخرى لأننا نعلم أن أيدي القتلة أعضاء اللجنة الأمنية الآثمة للمخلوع ومن شايعهم من أزلام النظام البائد من كتائب القتل السريع سوف تتخطفهم منا سراعاً فهي لهم بالمرصاد تنتقي أطولهم قامة وأكثرهم جسارة وقوة وبسالة وشهامة فتقتنصه من بين إخوانه، ولكنهم لم يركنوا يوماً لهذه القوة الغاشمة ولم يهابوها لحظة فقد حاربتهم بأشد الاسلحة فتكاً وهم حاربوها بسلاح أشد وهو السلمية والوعي الذي بسببه أبهروا كل الدنيا حيث انحنت لهم هامات الشعوب إجلالاً وإكبارا، انهم هم جيل البطولات الحقيقي جيل ينضح تأدباً وثقافة وعلماً وفوق كل ذلك ومثله أكثر من الجسارة والقوة، لم أشاهد في حياتي أجمل منهم ، انهم يا سادة قد قلبوا لنا كل الموازين القديمة فصاروا هم الأساتذة والمعلمين للأجيال السابقة لهم، صغاراً يافعين ولكنهم ناضجين تماماً، نعم نعترف لهم بذلك إنهم حماة الوطن الذين لا يقهرون، مهذبون حتى في أحاسيسهم رقيقون كالأنسام جمالاً، فهم قبيلة واحدة على طراز واحد عشقهم الوطن فحملوه بين أضلعهم الرقيقة التي تحوي قلوب كالجبال ثباتاً فهم لم يبعثوا روحاً جديدة في المشهد السياسي فقط إنما بعثوا فينا نحن الآباء والأمهات أمل مشرق قادم إلينا من فجاج اليأس الذي كان يلفنا، رأيناهم يشيدون حصونهم وتروسهم لكي يتقوا بها شراسة القتلة اعداء الوطن وشعبه بايمان وقوة أرهبت أعداءهم .
رأيناهم يحملون جثامين اخواتهم واخوانهم الشهداء بكل جلد وصبر ثم يعودوا لمواصلة المسير في درب النضال ذو المخاض العسير ويزورون إخوانهم المصابين والجرحى المستبسلين في ساحات الوغى حاملين لهم مشاعل الأمل فيشحذون فيهم الهمم حتى ينسون آلامهم، لهم لغتهم الخاصة التي يجيدونها هم وحدهم فعندما يتحدثون يتحدثون شعراً وغناء لشعاراتهم وقيمهم بصورة تسلب العقول والقلوب اعجاباً.
مهذبون قولاً وفعلاً نجباء عقلاء ورحماء بينهم وبنا ، نحن موعدون بميلاد وطن بنكهة مغايرة تماماً نحسها الآن تماماً .
هم فقط من يعلمون كيف سوف يتم ذلك البناء فقد حددوا أهدافهم ومضوا فيها غير آبهين بغيرها فهم كما قال الشاعر الجميل نزار قباني:
من حزننا الجميل ينبتون أشجار كبرياء
ومن شقوق الصخر ويولدون باقة أنبياء
نعلم أن مشروعهم مقدس ويقيننا انهم منتصرون لا محالة فهم الجيل الراكب راس فهماً ووعياً وجمالاً وذوقا، فهنيئا لنا بهم وخسئ من عاداهم وشلت أيادي قتلتهم وشتت الله شمل من آذاهم وأحرق قلوب من أحرقوا قلوبنا على شهدائنا منهم فهم فلذات أكبادنا وأملنا الذي يشع نورا وبهاء وضياء .
تيقنا جيداً أن ثورة ديسمبر المجيدة قد انتصرت في كل المجالات والضروب فهي انتصرت على الجهل وعلى الفساد الاخلاقي وعلى الفساد السياسي فلم تعد السياسة عندهم لعبة قذرة كما يقال إنما صارت قيم ومثل ومباديء وإيمان بالتغيير للأمثل وقوة ارادة يخر لها الجبابرة صاغرينا .
في سبيل تحقيق شعار الثورة الأروع (حرية.سلام.عدالة ومدنية خيار الشعب) زينوا دروب النضال الثوري بالوان زاهية من أجل بناء سودانهم الجديد برغم انهم مضمخون بدمائهم الطاهرة ومثخنين بجراحاتهم الغائرة في أجسادهم النحيلة كأروع ما تكون أوسمة وأنواط الشرف، شعار يتنافس عليه الكل ويحبه الكل بايمان قاطع ويستهدي به الكل في درب النضال الثوري الآن فالثورة ثورة شعب
والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات قريباً باذن الله والفلول إلى الجحور .

كسرة :
لله دركم يا شباب وأنتم ترسمون معالم سودانكم القادم أيها الأبطال .

اترك رد