فاطمة مصطفى الدود تكتب: أزمة الشراكة هل تهدد الفترة الانتقالية ؟!
متابعات/ الرائد نت
تباعدت شقة الخلافات بين المكونين المدني والعسكري في السودان وتصاعدت حدة التوتر بينهما دفعت القوات النظامية بسحب قواتها من لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد واستراداد الاموال والتي قامت باطلاق نداء عاجل للثوار للتوافد لمقر اللجنة لحمايتها
ياتي ذلك في وقت اجتمع فيه رئيس المجلس السيادي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بكبار قادة الجيش والذي جدد حرصه على وحدة البلاد وتوافق القوى السياسية مشدداً على أن هذه الوحدة هي الطريق الأوحد لإنقاذ البلاد من واقعها الحالي
وقال : “نريد قوات مسلحة محترفة ومهنية بعيدة عن الاستقطاب السياسي” ، مؤكداً أن القوات المسلحة واجبها الحفاظ على وحدة التراب، و أنهم حريصون على استكمال مسيرة الانتقال وصولاً للتحول الديمقراطي وبناء دولة الحرية والسلام والعدالة
البرهان نفى ما يشاع عن نية القوات المسلحة القيام بانقلاب ووصفه بانه محض افتراء، أن القوات المسلحة هي من أفشلت المحاولة الانقلابية التي كانت ستحدث فتنة في البلاد
وسبقت تصريحات البرهان تصريحات قوية اطلقها النائب الاول لرئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان حميدتي انتقد فيها الترويج بأن العسكريين يريدون الانقلاب على السلطة، في حين إن الانقلاب يستهدف في المقام الأول العسكريين أنفسهم ويواجهون فيه الموت والإصابات .
وحميدتي قالها بوضوح : “الانقلاب مستهدفنا نحنا العسكريين وان السياسيين سيذهبون الي السجون وانهم كعسكريين يذهبون الي المقابر..( يا قتلناهم واما قتلونا ) ويشير في هذا الصدد الي أن المحاولة الانقلابية كانت مكتملة الأركان، أن الترويج بوقوف العسكريين وراء الانقلاب محاولة لاستعطاف الشعب السوداني والمجتمع الدولي
واغلق حميدتي الباب تماما في الجلوس مع المدنيين في طاولة واحدة بعد ان تم اتهامهم بانهم خصموا من رصيدهم الشعبي و السياسي للمدنيين وأقسم أنه لن يجلس معهم في اجتماع إلا بالوفاق، وقال: “قالوا نحن خصمنا من رصيدهم السياسي.. إنت القوة لقيتها من وين؟.. القوة دي ما اديناك ليها نحنا ديل.. نحن من منحناهم القوة..
وأشار دقلو، إلى أنه لا يمكن توزيع الاتهام بالفلول على الجميع، وقال: ” إدارات أهلية، طرق صوفية، أحزاب سياسية.. كلهم يتهمونهم بالفلول.. طيب انت عاوز تحكم من ؟، مشيراً إلى أن الإدارات الأهلية منذ القدم “تؤيد من ياتي الي الحكم منتقداً إطلاق الاتهامات واستهداف الجميع
يأتي ذلك في أعقاب إحباط السلطات الأمنية لمحاولة انقلاب عسكري على السلطة بقيادة عدد من العسكريين والمدنيين حيث تم إحباط هذه المحاولة والقبض على منفذيها.
ووجدت هذه المحاولة تنديد إقليمي ودولي ومحلي حيث أعلنت عدد من القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني السوداني رفضها اية محاولة لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي والانتقال الديمقراطي بجانب أن عددا من المنظمات الدولية والإقليمية والدول رفضت هذه المحاولة حيث أدانت الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي هذه المحاولة وأكدت دعمها للتحول الديمقراطي بجانب كثير من الدول أعلنت دعمها للحكومة الانتقالية في السودان ورفضها القاطع لأية محاولة إنقلابية على السلطة القائمة
ويظل السؤال مطروحا هل ان الوقت الحالي مهيأ لحدوث إنقلاب ومن الذي يمكنه ان يجاذف بحياته في ظل هذا الوضع لخطو مثل هذه الخطوة ؟
والمؤشرات كلها تقول ان المحاولة هي مجاذفة ومخاطرة بالبلاد وبالوضع عامة خاصة وان المجتمع الدولي غير مهيأ لتقبل اية تغييرات او تحولات للوضع في السودان ، بل ان البلاد تحتاج الي توافق بين المكونين المدني والعسكري ويحتاج الي تصالحات بينية بين مختلف اطياف العملية السياسية لتحقيق المعادلة المتوازنة لإدارة المرحلة الإنتقالية وصولاً الي التحول الديمقراطي المنشود ، والإهتمام بمعاش الناس ومعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور وايجاد حلول لها
و بحسب مراقبون فان ميقات انتقال رئاسة المجلس السيادي للمدنيين من المواقيت المحيرة، فبشكل غريب، حيث أهمل شركاء الحكم تعديل الفقرات الخاصة بانتقال رئاسة السيادي بعد التعديلات المضمنة بحسب اتفاق جوبا للسلام، فبحسب الوثيقة الدستورية قبل التعديل كان من المقرر نهاية فترة المكون العسكري منذ شهر مايو الماضي، إلا أن تمديد الفترة الانتقالية منح المكون العسكري تمديداً تلقائياً في المدة، رغم عدم النص على ذلك صراحة
أيضاً أهملت التعديلات، أو لم تستوعب، إمكانية انتقال رئاسة السيادي لأحد أطراف عملية السلام الأخيرة، وهو ربما ما كان من شأنه أن يجد مخرجاً للأزمة الحالية.
ورغم تجنب ذكر الشريكيين المدني والعسكري الإشارة إلى هذه الأزمة في الأيام الماضية، إلا أنه مع توتر الأجواء بين الشريكين يبدو تغافل النظر عن المسألة من المستحيلات، مع علو أصوات وسط قوى الحرية والتغيير على ضرورة المطالبة وعدم التنازل عن رئاسة السيادي، إلا أن الأجواء بشكل عام، ومع وجود تهديدات انقلابية محتملة، إضافة إلى الدور الكبير الذي تلعبه القوى العسكرية المنضوية تحت إمرة المكون العسكري، يبدو العزف على هذا الوتر ربما يزيد شدة الفتاق بين الشريكين في الفترة الانتقالية، بما يهدد استمراريتها ونجاحها.