هل يجوز للمرأة وصل شعرها زينة لزوجها؟ الشيخ د.عبدالحي يوسف

0

متابعات/ شبكة الرائد الإخبارية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن أن يصل الآدمي شعره بشعر غيره؛ وهذا النهي ورد في جملة من الأحاديث، منها:
1- ما ثبت في الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه أنه خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناول قصة من شعر ؛ كانت بيد حرسي؛ فقال: أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول: “إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم” وفي لفظ لمسلم: “إنما عذب بنو إسرائيل لما اتخذ هذه نساؤهم”
2- ما ثبت في الصحيحين، واللفظ لمسلم، عن سعيد بن المسيب قال: (قدم معاوية المدينة فخطبنا، وأخرج كبة من شعر فقال: ما كنت أرى أن أحداً يفعله إلا اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه: الزور).
3- في صحيح مسلم: أن معاوية رضي الله عنه قال ذات يوم: (إنكم قد أحدثتم زي سوء، وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزور).
4- ما ثبت في الصحيحين أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِى ابْنَةً عُرَيِّسًا أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ فَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ».
5- جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زوراً) قال الألباني في السلسلة الصحيحة 3/7: أخرجه أحمد من حديث معاوية
فهذه الأحاديث صريحة في تحريم اتخاذ الشعر، وهي شاملة بعمومها لما كان طبيعياً أو صناعياً، ووجوه التحريم ظاهرة من منطوق هذه الأحاديث، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى، والأصل في النهي التحريم، وقد قال الله عز وجل َ{ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم “ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم” متفق عليه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد سماه زوراً، والزور حرام، وذكر أنه من فعل اليهود، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن من تشبه بقوم فهو منهم، وذكر أنه من موجبات العذاب والهلاك؛ فقال “إنما هلكت بنو إسرائيل لما اتخذ مثل هذه نساؤهم”
ومعلوم أنه إذا كان وصل المرأة شعرها بما يطوله أو يكثره حراماً تستحق عليه اللعنة؛ لما يتضمنه ذلك من الخداع والغش والتدليس، فاتخاذ رأس كامل مزور – وهو المعروف في لسان الناس اليوم بالباروكة – أشد في التدليس وأعظم في الزور والخداع، فيكون حراماً من باب أولى، وإذا كان هذا اللعن في حق النساء مع حاجتهن إلى التزين والتجمل، فهو في حق الرجال أولى.
وقد يستثنى من ذلك المرأة المتزوجة التي ليس على رأسها شعر أصلاً، بأن كانت قرعاء، أو أصابها داء أو تناولت دواء تسبب في تساقط شعرها وذهابه؛ فإنه قد يؤذن لها – والله أعلم – في اتخاذ باروكة تستر به هذا العيب؛ لأن فعلها ليس من تغيير خلق الله ولا من باب الغش والتدليس؛ بل من باب إزالة العيب، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن قطعت أنفه أن يتخذ أنفاً من ذهب؛ فروى أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَبِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ.

والعلم عند الله تعالى.

اترك رد