زهير السراج يكتب.. الشرطة وافراد الشرطة !
متابعات /شبكة الرائد الإخبارية
قرأت بيان المكتب الصحفي للشرطة الذى رد به على مقال الزميلة (سهير عبدالرحيم) عن واقعة السطو المسلح التي قام بها ضابطان وبضعة أفراد من الشرطة على منزل المواطن (شاذلي مرتضى حمزة) بحي الرياض بالخرطوم، واستولوا على مبلغ (68,300) دولار أمريكي ومليار و700 مليون جنيه سوداني وألف ريال سعودي ..إلخ، وبصراحة كان من الأفضل للشرطة السكوت بدلاً عن ذلك الرد الهزيل !
تحدثت الزميلة سهير عن واقعة سطو مسلح والاستيلاء على نقود، أثبتتها كاميرات المراقبة بالمنزل وقيام صاحب المنزل بفتح بلاغ ضد مرتكبيها، وبدلاً من أن يرد المكتب الصحفي على هذه النقطة، أخذ يدور حولها متحدثاً عن قانونية دخول منسوبي الشرطة الى المنزل “تنفيذاً لأمر ضبط وتفتيش قانوني موقع من جهة الاختصاص بالسلطة القضائية بناءً على معلومات جنائية تتعلق باختصاص الادارة التي يتبعون لها ..إلخ”!
حسناً، دخلت القوة الى المنزل بطريقة قانونية تنفيذاً لأمر ضبط وتفتيش قانوني، ولكنها قامت ــ حسب حديث الزميلة سهير ــ بالاستيلاء على مبالغ مالية أثبتته كاميرات المراقبة، فما علاقة ذلك بالمهمة التي نفذتها القوة، وهل يحتاج إثبات واقعة السطو المسلح شهرين كاملين واتخاذ إجراء قانوني ضد مرتكبيها، خاصة مع وجود ما يثبت ذلك وهي التسجيلات المصورة التي قامت بإفراغها إدارة الأدلة الجنائية، بالإضافة الى قبول الشرطة بفتح بلاغ ضد منسوبيها، وهو ما اعترف به البيان رغم التطويل والعبارات المبهمة التي استخدمها للحديث عن فتح بلاغ ضد مرتكبي الواقعة .. “وبالنظر لهذه الجزئية من زاوية أخرى، فإنها تؤكد جدية الشرطة في تنفيذ الإجراءات القانونية على خلفية إتهام صاحب المنزل للقوة المنفذة لأمر التفتيش بالتجاوز” ؟!
كما يتحدث البيان عن تشكيل لجنة تحقيق إداري في القضية بجانب البلاغ المفتوح، أي أن الشرطة رأت أن منسوبيها ارتكبوا ما يستحق تشكيل لجنة إدارية للتحقيق معهم بجانب قبولها لفتح بلاغ ضدهم، فلماذا كل هذا التأخير في اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم؟!
ولماذا التناقضات التي احتوى عليها البيان، فتارة يتحدث عن فتح بلاغ وتشكيل لجنة تحقيق، وتارة أخرى يتحدث عن ” (إدعاءات) قابلة للنفي أو الإثبات وفق القواعد القانونية المعلومة ولا مجال للسجال فيها قبل الفصل القانوني”، وتارة يتحدث عن “الموازنة بين مصلحة أفراد المجتمع وإضفاء قدر من الحصانة القانونية الإجرائية اللازمة لمنفذي القانون”، ولا أدري ما هي العلاقة بين الحصانة القانونية وارتكاب جريمة (السرقة)، إلا إذا كانت الحصانة القانونية التي يتحدث عنها البيان تتيح لمنسوبي الشرطة ارتكاب جرائم (وليس أخطاء) أثناء القيام بأعمالهم والحماية من العقاب، ولا يوجد بالتأكيد شيء مثل هذا باعتراف البيان نفسه الذي ذكر أن “الحصانة القانونية لا تحول بين المتهمين مهما كانت صفتهم وبين تحقيق العدالة وسيرها” .. فلماذا كل تلك التناقضات والغموض الذي يُفهم منه حرص المكتب الصحفي على حماية سمعة الشرطة ؟!
يجب أن يفهم المكتب الصحفي للشرطة ويفهم الجميع، أن الذين ارتكبوا الجريمة هم بضعة أفراد وليس جهاز الشرطة بأكمله، وهو أمر يحدث في كل أجهزة الشرطة في العالم، وفي كل المؤسسات الأخرى، مدنية أو عسكرية .. ولا شئ يعيب في ذلك، فلسنا ملائكة ولا يخلو مكاناً على الارض من الفاسدين، ولكن الذي يعيب هو محاولة التستر والاخفاء وتبرير الخطأ وحماية المخطئين بما يشكل جريمة كبرى ويقدح في أمانة ونزاهة المؤسسة بأكملها، بدلاً عن الاعتراف بخطأ ارتكبه فرد أو مجموعة أفراد بكل شفافية ووضوح ومحاسبتهم على ذلك، بما يحفظ سمعة المؤسسة ويكسبها ثقة واحترام الناس!