زهير السراج يكتب.. كيف نتغير ؟!

0

متابعات /شبكة الرائد الإخبارية

* مثلما ننتقد رأس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء وكبار المسؤولين والشخصيات العامة، يجب أن ننتقد أنفسنا ونواجه أخطاءنا بكل شجاعة ونحاول التخلص منها وعلاجها. لا يكفي فقط صلاح الحكومة كي يصلح الوطن، لا بد من صلاح الفرد والجماعة والمجتمع والشعب.

الوطن مثل العربة يسير على أربع عجلات، لا تكفي عجلتان كي تدفعها الى الأمام، ولكن يجب ان تكون العجلات الأربعة صالحة للسير.

* جاء في منشور قديم أجريتُ عليه بعض التعديلات: البشير ونظامه سقطوا، ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ الفاسد انتهى، النظام السياسي تغير، أﻣﺎ نحن فكيف نتغير ؟!

* كيف يتغير ” ﺍﻟسائق” ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺮﻛﺎﺏ ﻗﻄﻴﻊ ﻏﻨﻢ ، كيف يتغير البائع الذي يبيع بضاعته بأضعاف سعرها، كيف يتغير الموﻇﻒ ﺍﻟﺬﻱ يهمل عمله ويعبس ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻚ ﻭﻳﻌﺎﻣﻠﻚ بفظاظة، كيف تتغير الموﻇﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻭﺗﺘﺮﻛﻚ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺑﻜﻞ ﺑﺮﻭﺩ ؟!

* كيف يتغير الطبيب الذي لا يأبه ﺑﺎﻟﻤﺮﻳﺾ الذي يتعالج بواسطة التأمين، كيف يتغير المدرس الذي يتواجد في الدروس الخصوصية أكثر من المدرسة، كيف يتغير المدير الذي يحتكر الوظائف لاقربائه وأصفيائهم؟!

* كيف يتغير ﺑﺎﺋﻊ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﺳﻠﻌﺔ ﻻ ﺗﺸﺒﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ، ويغالي في السعر، كيف يتغير الشاب الذي يجلس في المقاهي والكافتيريات أكثر من جلوسه في مكان العمل او الجامعة، كيف تتغير نظرتنا للعلم والتحصيل بأنهما مصدر تعاستنا، كيف يتغير العاطل ﺍﻟﺬﻱ يدمن الجلوس في الظل ولعب الضمنة، متحججاً بأنه لا يوجد عمل، أو ان العمل الذي وجده لا يليق به؟

* كيف يتغير ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ يتحرش بالفتيات ويتعمد الالتصاق بأجسامهن في وسائل المواصلات العامة، كيف تتغير الفناة التي تعتبر أن تفتيح البشرة هى وظيفتها الاساسية، كيف تتغير القونات اللائي يعتبرن الغناء الفاحش والحصول على المال والشهرة أقصى طموحات الحياة، وبعد أن تذهب السَكرة وتأتي الفكرة يجدن أنفسهن في كوشة النسيان والاحزان على ضياع العمر!

* كيف يتغير أئمة المساجد الذين يعتبرون ان أفكارهم العقيمة والتقيد بالشكليات وقال وقلنا هو الدين، ومن سيغير الاعلام الذي يطارد المغنواتية والسفسطائيين ويتجاهل أهل العلم والفكر والفن الراقي، كيف يتغير رجال الشرطة والأمن الذين يعتبرون أن الوظيفة الأساسية لهم هي حماية الرئيس القائد وليس الوطن؟!

* كيف تتغير أحزابنا التي تضع الكراسي والمناصب والمصالح الضيقة على رأس قائمة أولوياتها وتغلق أبصارها عن مصالح الوطن الكبير.. ﻣﻦ ﺳﻴُّﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺑﻴﺔ، ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ، ﺍﻟﺮﺷﻮﺓ، ﺍلواسطة، وعقولنا ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ركلتنا دائماً وأبداً الى القاع ؟!

* المشكلة أكبر من رئيس او نظام فاسد، بل هي مشكلة أفكار وعقول واخلاق وطريق طويل للبناء والتعمير ملئ بالعقبات والعوائق والحفر .. وكيف نزيلها فيسهل المسير ؟!

* والمرحلة التي نعيشها أصعب بكثير من إسقاط النظام البائد، ويجب أن نعمل جميعنا بيد واحدة، ونفتح قلوبنا وعقولنا للآخرين، ومثلما نخرج في المليونيات للاحتجاج من أجل الحقوق، يجب ان تكون هناك مليونيات بشكل مختلف ولون مختلف وهدف مختلف لمكافحة العطالة وتوفير فرص العمل، لزراعة الأشجار، لنظافة الشوارع، لتخفيض الأسعار، لمحاربة الجشع ، لإشاعة حرية الرأي والفكر والبحث والعلم والفن الراقي، لنصرة المظلوم، لسيادة حكم القانون العادل واعلاء راية الوطن فوق الجميع !

* لو لم نتخلص من أنانيتنا وعيوبنا وأطماعنا الشخصية، كأفراد وجماعات ومجتمع وشعب، ولو لم نتغير مائة وثمانين درجة باحترام أنفسنا وغيرنا، ونجعل العلم والعمل القيمة الاولى والاساسية في حياتنا، ستظل الدائرة الشريرة تحاصرنا وتخنقنا، وتسلمنا لقمة سائغة لوحوش الظلم والفساد والتخلف والظلام!

* ابدأ بنفسك، وأسرتك وحيك والمجتمع الصغير الذي تعيش فيه، ويمكن لفكرة صغيرة جداً قد تبدو تافهة في نظرك مثل نظافة المكان الذي يقع أمام مسكنك أو دفن بركة صغيرة تتوالد فيها الحشرات أو زراعة شجرة صغيرة، أن تحدث تغييراً كبيراً جداً، وتجد نفسك في وقت قصير تحب المكان الذي تعيش فيه مهما كان متواضعاً، وتجتهد على الدوام لكي يظل جميلاً جديراً بحياتك ومحبتك ..

أوقد شمعة بدلاً من أن تلعن الظلام !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.