مصطفى ابوالعزائم يكتب: معركة من غير معترك …

0

متابعات /شبكة الرائد الإخبارية

والله إنني لأعجب من هذه المعركة المفتعلة حول (سفة) ، تناولها وزير خلال لقاء مباشر حول بعض قضايا الساعة من داخل منتدى خاص بمجلس الوزراء ، داخل ستديوهات المجلس التي تنقل مباشرة و (تسلّط ) عدساتها على ضيوف اللقاء داخل الأستوديو ، وكان من المفترض تنبيه الضيوف بأن هناك كاميرات راصدة تنقل أي حركة على الهواء مباشرة ، ولن يفلت منها ضيف .

بعض خصوم الوزير إستثمروا في ما وقع فيه الوزير ، كأنما تم ضبطه بفعل فاضح في الطريق العام ، ونحن نعلم أن إستخدام السعوط أو التمباك في بلادنا يكاد يكون أمراً عادياً ولا يخلو بيت من ( سفّيف) يحتفظ بكيس معبأ بسلطان الكيف أو بحقة معتبرة تدل على إحترام حاملها لهذا الكيف الرخيص .

التمباك او التنباك أو السعوط ، كان في السّابق مستخدماً على مستوى أوسع مما هو عليه الآن ، حتى إن الدولة المهدية حرّمته ، وأصبح مستخدمه مثار تهكم وإستخفاف وإستهداف ، فمن أبشع أنواع السباب والشتائم أن يوصف المرء في ذلك الزمان بأنه ( سفاف تمباك ) لكن جاء عهد شهدنا فيه حتى النساء يستخدمن السعوط ، لكن للأمانة والتاريخ كانت النساء اللائي يستخدمنه من كبيرات السن ، وغالبيتهن من الأرامل ، وبعضهن من ذوات الشخصية القوية .

أخطر ما في التمباك أو السعوط أو العماري أو التبغ ( الممطّر ) أنه يحتوي وفق إفادات العلماء والمختصين على ثمانية وعشرين مادة تسبب السرطان حمانا الله وإياكم ، كما أن مكوناته مصنّفة بأنها من المواد الخطرة على صحة الإنسان ، خاصة مادة تسمى نيترسامينات التبغ ، وهي المادة الأكبر خطراً وتسبيباً للسرطان ، هذا غير الزرنيخ وهو معروف بأنه عالي وشديد السميّة ، ومواد كثيرة أسمع بها ولا أعرفها ، بل يعرفها المختصون .

هناك نسبة من المخدر لكنها ضعيفة في التمباك ، أو في ورق التبغ عموما ، ويعتقد أصحاب الكيف إن مخاطر التمباك او السعوط أو التنباك أو العماري _ سمه ما شئت _ أقل بكثير عن مخاطر التدخين ، لكن ثبت العكس ، إذ يقول بعض المختصين إن مضغ التبغ أو تنشقه ، يعادل تدخين أربع سيجارات ، وهو يسمح بدخول كمية أكبر من النيكوتين إلى الجسم .

لا أعرف تاريخ التمباك في السودان وبداية دخوله ، وإن كنت أشك في أنه جاء إلينا من الخارج ، لكن إستخدام التبغ عالميا وانتشاره كان في نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر ، حسب ما توفر لدي من معلومات ، واكتشف مستخدموه إن الإقلاع عنه من أصعب الأمور الشخصية .

أنا شخصياً أعترف بأنني كنت من المدخنين الشرهين إلى أن أوشكت آثار التدخين أن تودي بحياتي فإتخذت القرار الصعب والصحيح بالإقلاع عن التدخين تماماً رغم ما عنايته في الأيام الأولى للإقلاع عن التدخين ، وأضفت إليه قراراً آخر لا يقل صعوبة عنه ، وهو الإقلاع تماماً عن أكل اللحوم الحمراء ، بعد نصحني طبيب صديق بأن أقلل من تناولها ، فقلت له : ( على إيه .. ؟ حأخليها مرة واحدة ..) واستندت في قراري على أن الذي طعمناه واكلناه كاف وأزيد .

نتمنى مخلصين أن تتوقف معركة ذات السعوط هذه ، لأنها معركة من غير معترك ، خاصة إذا ما علمنا إن نسبة مستخدمي التمباك بين الرجال البالغين في بلادنا تزيد على الثلاثين في المائة .. كفاية

اترك رد