إسحق أحمد فضل الله يكتب.. لكن المسرحية سودانية
متابعات /شبكة الرائد الإخبارية
و المسرحية عن ( لماذا نحن باركون) على الركب منذ ستين سنة .
و على المسرح عشرة رجال و نساء .. عشرون ثلاثون … خمسون .
و كل واحد منهم يتحدَّث عن شيء مختلف و في نفس اللحظة …
يتكلم هذا عن الصناعة و هذا عن صيد السمك و هذا عن الشعر و هذا عن الصلع .. وهذا عن المرأة و هذا عن و هذا عن …
يكفي .. ؟
لا … بعد قليل .. المتفرجون يصعدون إلى المسرح .. و يشتركون في النقاش و الصراخ و القول في كل شيء بنفس الأسلوب ..
المسرحي سعد الله ونوس يريد أن يقول :
لماذا نحن منهزمون و مضروبون منذ ستين سنة .
( ٢)
..
و نجعل ألف حديث هنا عن كل ما يحدث لأنه لن يتبدل شيء .
و الصراخ عن الشذوذ و السرقة و النهب المسلَّح و الأسعار .. و السرقة .. و … و … أشياء .
يكتب عنها ألف قلم .. ثم لا يتبدل شيء لأن القول يتم بأسلوب المسرح أعلاه ….
و الكتَّاب يفاجأون حين يجدون أنه لا شيء يحدث نتيجة لكتاباتهم …
ما يدهش هو الغفلة .
فالكتَّاب ينسون أن الكتابة ..توجَّه عادة للناس .. القراء ..
يكتبون للقراء صارخين عن الشذوذ مثلاً … لأن الشذوذ عند القراء مرفوض …
يكتبون عن الأسعار المجنونة .. لأن الأسعار المجنونة عند الناس مرفوضة ..
يكتبون عن كل شيء نقداً .. لأن الناس ترفض ..
و الناس عندما ترفض .. تتحدَّث بالأيدي و الأقدام .. و ليس بالصراخ ..
و الكتَّاب يفاجأون بأن الناس لا تتحدَّث لا بالأيدي .. و لا بالأقدام ..
و الكتًّاب يجهلون .. أن الناس كانت عندهم (بقية روح ) .
و كل هذا الآن لا يوجد) .
(٣)
..
و الآن
الإسلاميون ..
غندور صلابته تصنع الإعجاب لكنها لا تصنع النصر .
أمين و غازي .. أحزاب فلسفية .. تُطعم العقل الفلسفي فقط .. و لا تطعم أحدا ً.. و لا تصنع الرغيف .
تسع .. حزب يموت بعد صرخة الميلاد ..
الشيوعي قاطع طريق يجد من يقطع عليه هو الطريق . و يُهزم و يهرب .
البعث تحت قميص قحت و فشل كامل .
قحت .. الكرباج عندها يفشل .. و تبقى في (التحلَّها ).
و الشيوعي و قحت و الإسلاميون و البعث و غيرهم كلهم أمين .. و خائن .
و مخلص .. و … و …. عنده صفات الأرض كلها ..
لكنه بشهادة التاريخ لا يملك الصفة الوحيدة التي تُقيم الدولة ..
القوة ..
و القوة هي ما يصنع الثبات .
و لا زراعة إلا بالثبات .
و لا تعليم إلا بالثبات.
و لا تطور إلا بالثبات .
و لا أمن إلا بالثبات ..
و الثبات .. ما يصنعه هو القوة …
(٤)
….
و نعيد تكرار الحديث هذا .. لأن الصيدليات الآن .. الأدوية فيها آلاف الآلاف .. لكن ما ينفع هو واحد فقط .. و لا شيء آخر …
و الواحد هذا .. يُشير إليه الطبيب الأعظم ..التاريخ .. ليقول .
أنه هو الدواء الوحيد .. الذي يشفي .
الدولة الهالكة …
ونظل نحن نجثو و نحبو و نركض بساق واحدة أو على الركب .
لأن المسرح الآن يضج فيه آلاف من الممثلين و المتفرجين الكتاب و غيرهم …
كلهم و بجهل عظيم .. يقول إن الحل عنده .
بينما الحل الوحيد في الحقيقة هو ما ليس عندهم ..
المدهش .. أن المسرحية يكتبها سعد الله ونوس الأردني بهد هزيمة ٦٧م . و المدهش هو أن المسرحية هذه أصلها سوداني و مأخوذه من القصة التي تُنسب إلى الخليفة التعايشي ..
و في القصة …
أن فيلة الخليفة التعايشي تظل تخرب مزارع الناس .
و الناس يوماً يتفقون على أن يقفوا صفاً أمام الخليفة و أن يقولوا في صوت واحد :
الفيلة يا خليفة المهدي ..
قالوا … أنهم وقفوا أمام الخليفة .
و صرخوا الصرخة ..
و التعايشي .. الرهيب يرفع وجهه لهم ليقول :
الفيلة مالا .. ؟
و الرعب يشل ألسنة الجميع .
و واحد منهم يغيظه الأمر و يتقدَّم
ليقول للخليفة :
يا خليفة المهدي نحن لقينا الفيلة مستوحدة .. دحين عايزين ليها فيل يكون معاها ..
في نهاية المسرحية …
المخرج يقف على المسرح و يقول
للناس :
مبروك عليكم .. سلالة الأفيال
الأفيال التي هي …
الكذب و الجهل ..و الصراخ دون هدف .
و حديث الناس كلهم في لحظة واحدة الأفيال التي تخرب ..و التي يصنعها الجهل الذي يتحدَّث دون علم .