سهير عبدالرحيم تكتب.. رحلة الولايات (بورتسودان)
متابعات /شبكة الرائد الإخبارية
منذ قرّرت أن أجوب الولايات في رحلة وصِّلني، ومن اللحظة التي فكّرت فيها أن تكون ولاية البحر الأحمر من ضمن محطاتنا، كان أول اسم خطر على بالي مُباشرةً صديقي نزار الفاضل، ف بورتسودان تعني لي نزار الفاضل.
نزار ذاك الشاب اللطيف البشوش المضياف المرح، إنه قِبلة الزائرين لعروس البحر، ومتكأ الأريحية والكرم الفيّاض، وملاذ الشراع، وبوصلة السفن.
لكل ذلك، لم يكن غريباً أن يظل نزار يقظاً حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل وهو ينتظرنا على بوابة بورتسودان، لقد كان يوالي الاتصال علينا كلما التقطت هواتفنا إشارة من شبكة الهاتف الضعيفة، كان نزار قلقاً علينا، وكان محقاً في قلقه فقد كُنّا نتوهط العقبة في مُنتصف الليل.
قابلت نزار وقلت له، يا رجل لقد خرجنا للتّو من الجحيم…. يا لها من عقبة…!!، ابتسامة نزار ودفء استقباله هوّنت علينا الكثير من فيلم الرُّعب الذي كُنّا أبطاله!!
قادنا نزار إلى واحدةٍ من أرقى الشقق الفندقية ببورتسودان، حيث تم تخصيص شقتين واحدة لي وزميلاتي وواحدة للزملاء، وما أن دلفنا إلى الشقة حتى وجدنا أن نزار جهّز لنا عشاءً دافئاً شهياً من المشاوي الفاخرة، ولم ينسَ حتى أن يُجهِّز معه طبقاً من المُخبازة البورتسودانية، كان خليطاً من العسل والزبيب والتمر والمكسّرات الشامية والقشطة.
لقد كُنّا نستحق تلك الوجبة الدافئة والهُدوء والسكينة وفخامة المأوى عقب خروجنا سالمين من مِحنَة العقبة.
غادر نزار وجاء إلينا في السادسة والنصف صباحاً، لنشهد تدشين السيارات التي تعمل في ترحيل طلاب الشهادة السُّودانية مَجّاناً.
وللحق والحق يقال، قوات الدعم السريع هي الأكثر وجوداً وفاعليةً في نقل الطلاب، الأكثر من كل القوات النظامية الأخرى، نعم كانت هنالك سيارات من المخابرات العامة ومن القوات المسلحة ومن الشرطة، وخاصةً شرطة المرور، ولكن الوجود الأكبر والأكثر فاعليةً كان لقوات الدعم السريع.
وقد شاهدت بأم عيني والتقط المُصوِّر سعيد عباس لهم الكثير من الصور وهم يقومون ببرنامج السقيا في المدارس، وما أدراك ما السقيا في بورتسودان وكل ما يتعلّق بالمياه المعضلة الأكبر والمُشكلة التي عجزت كل الحكومات المُتعاقبة عن حَلِّهَا.
وعلى ذكر مُشكلة المياه في بورتسودان، أذكر قبل فترة إنني شاهدت مشروعاً لمهندس شاب سوداني اقترح فيه حفر قنوات مُتّصلة بالنيل على يمينه وشماله، تجعل منه في المنطقة شمال الخرطوم وحتى دنقلا، شكلاً أقرب إلى النخلة، بل هو أقرب إلى جزر النخيل في إمارة دبي، هو شيء أشبه بالنهر العظيم في ليبيا.
لماذا لا يُطبّق مثل هذا المشروع ونكون قد عالجنا 85% من مشكلة مياه بورتسودان وما جاورها، ونكون قد ساعدنا في حفظ مخزون المياه الجوفية وأوجدنا فرصاً لاصطلاح الصحراء وإقامة المشاريع الزراعية ومُحاربة العَطالة بتشغيل الشباب والنهضة بالقطاع الزراعي والحيواني بالتزامُن مع التنميَة هُناك.
وعلى بعض رجال الأعمال المنشغلين بغسل الأموال والمُضاربة في العُملة والعمل مع الماسونية العالمية، أن يجعلوا في عيونهم حصوة خجل ويُموِّلوا تلك المشاريع!!
خارج السور:
غداً أُحدِّثكم عن معجزة في بورتسودان اسمها غرفة تحت مياه البحر الأحمر.