صباح محمد الحسن تكتب.. النيابة وإحراج الحكومة

0

الخرطوم الرائد نت

من واقع خبرتك سيدي الرئيس اما كان الأفضل ان يتم اخطار هذه المواقع برسالة واحدة تضع بها سقفاً زمنياً محدداً تطالب فيه أصحاب المواقع بتوفيق أوضاعهم———-

أطياف صباح محمد الحسن النيابة وإحراج الحكومة ألغت نيابة جرائم المعلوماتية قرار حجب المواقع الإلكترونية التي قالت انه صدر بعد الرجوع للجهات المختصة والاقتناع بأن هذه المواقع غير مسجلة بشكل رسمي، واعتبرت قرار الحجب بأنه يأتي في إطار الإجراءات الوقائية لضمان سلامة المجتمع من الفتن والشائعات. هذا حسب (تبرير) رئيس نيابة جرائم المعلوماتية، مولانا عبد المنعم عبد الحافظ، الذي كشف عن تدوين النيابة نحو 1500 بلاغ يتعلق بجرائم المعلوماتية منذ بداية العام الحالي وحتى يوم أمس وقال عبد الحافظ في حوار مع (الصيحة) إن النيابة حررت خطابات إلى الهيئة القومية للاتصالات لفك حظر المواقع المحجوبة، مشيراً إلى أنّ قرار حجب المواقع صدر بعد الرجوع للجهات المختصة والاقتناع بأن هذا المواقع غير مسجلة بشكل رسمي، واعتبر قرار الحجب بأنه يأتي في إطار الإجراءات الوقائية لضمان سلامة المجتمع من الفتن والشائعات، مؤكداً عدم وجود أية جهة لها علاقة بالقرار ان كانت لجنة التمكين أو جهة سياسية ، وأضاف “القرار صدر مني كرئيس لنيابة جرائم المعلوماتية بحكم تخصصي في المجال وخبرتي في جرائم المعلوماتية بالاستناد على مواد في قانون الإجراءات الجنائية وقانون جرائم المعلوماتية وسلطات النيابة بالتطبيق الواسع وحقنا في إصدار القرارات الوقائية وأيضاً قانون الاتصالات الصادر في العام 2018م وهو قانون يعطي الحق في حجب المواقع.لكن الا يتفق معي مولانا عبد الحافظ أن قرار نيابة جرائم المعلوماتية بحجب مواقع إلكترونية يعد خطوة خاطئة وغير مدروسه وخطأ كارثياً ارتكبته النيابة ، بقصد او بدونه ، ليس لأنه جاء مفاجئاً دون ان يسبقه اخطار او إنذار لأصحاب المواقع الإلكترونية ، وليس لأنه يهدد وينسف حرية التعبير وحرية الصحاف، لكن لأنه خلق حالة من التوتر وموجة من الغضب ، وأعاد للأذهان قضية تكميم الأفواه ومصادرة حق الرأي ، أضف الى ان القرار جاء (مجهول الهوية) دون ان يعرف الناس من هي الجهة التي أصدرته، هذا الامر الذي جعل كل المذاهب للتفسير تتفق على أن القرار كان قراراً سياسياً وان الحكومة ارتّدت عن مبادي الحريات وحادت به عن طريق الثورة وأهدافها التي تعد الحرية واحدة من أهم أركان مثلث شعاراتها. وانبرت عدد من الجهات في توجيه الاتهام لجهات لاعلاقة لها بالقرار لا من بعيد ولا من قريب، مثل لجنة التفكيك ومجلس الوزراء وحتى النيابة العامة التي نفت علاقتها بالقرار، ومعظم الجهات الرسمية المختصة نفت اتخاذها أي قرار حيال المنصات والمواقع الإخبارية. وأعربت جمعية الصحافة الإلكترونية عن رفضها لما سمته (تشريد الصحفيين) من المهنة، وكبت الحريات المتمثل في حجب المواقع الإلكترونية حسب البيان الذي أصدرته، ورأت أن على الحكومة أن تلجأ للقانون بدلاً عن استخدام القمع وانتهاك الحريات وأدانت شبكة الصحفيين السودانيين حجب المواقع، كل ردود الفعل هذه بسبب القرار الذي أقام الدنيا ولم يقعدها الا بعد رفع الحظر عن المواقع، عندها خرج رئيس نيابة المعلوماتية ، ليقول إن القرار كان قراراً شخصياً صدر مني كرئيس لنيابة جرائم المعلوماتية بحكم تخصصي في المجال وخبرتي.ومن واقع خبرتك سيدي الرئيس اما كان الأفضل ان يتم اخطار هذه المواقع برسالة واحدة تضع بها سقفاً زمنياً محدداً تطالب فيه أصحاب المواقع بتوفيق أوضاعهم، او ان يتم ذلك عبر اعلان رسمي في الصحف للتنبيه او للتحذير (ان النيابة تنوه كل المواقع الإلكترونية بالإسراع في إجراءات التسجيل رسمياً وإن لم يتم ذلك ستقوم نيابة المعلوماتية بحجب كافة المواقع غير مستوفية الشروط)، وكفى الله المؤمنين شر القرار. لكن قرار الحجب المفاجئ خلق سمعة غير طيبة عن عهد مابعد الثورة الذي بهذا القرار يعتبر لا فرق بينه وبين عهد المخلوع وجهاز أمن حكومته ، كما أن القرار كان له أثراً سلبياً في نفوس كل الذين تنسموا الحرية والديمقراطية ، وتناولته القنوات العالمية والمحطات الإخبارية بصورة فيها كثير من الإجحاف وهللت له الاصوات المضادة للثورة على أن الحكومة أوأدت أحلام الثورة وانقضت على الحريات ، كل هذا بخطأ بسيط كان يمكن أن تتم معالجته بصورة فيها كثير من الحكمة والتروي، وهذا ان دل انما يدل على قصر بصيرة البعض في إصدار القرارات دون أن يمعنوا النظر ولو قليلاً في الآثار التي تترتب عليها وما ينعكس عليها من ردود أفعال. ولو أنني لا أريد أن أكون من الذين يسيئون الظن لأن بعضه إثم ، لقلت ان القرار كان مقصوداً جاء ليحرج الحكومة ، خاصة ان القرار صدر فقط من رئيس نيابة المعلوماتية الذي قال (بعضمة لسانه) ان القرار لا علاقة له بأية جهة ، فعندما قرر رئيس النيابة حجب المواقع، اما كان له أن يصدر بياناً ممهوراً باسمه بعد أن يشرح فيه أسباب الحجب ويسند ذلك لنفسه (بحكم خبرته)، أم ان حلاوة القضايا ونكهتها بعد أن تصبح في يد الرأي العام يفسرها كما يشاء، يأتي صاحب القرار وفي حوار صحفي يقول فيه أنا المسئول، ألم يكن هذا غريباً ؟! طيف أخير: كلما زارك اللّوم .. حدّثه عن نبل التسامح.

اترك رد