إخلاف الله للمنفق … الشيخ د.عبدالحي يوسف
كتب فضيلة الشيخ د.عبدالحي يوسف على صفحته الرسمية بفيسبوك:
قول الملك عليه السلام (اللهم اعط منفق مالٍ خلفًا) أي بدلا عنه. يعني عِوَضًا عَظِيمًا وَهُوَ الْعِوَضُ الصَّالِحُ أَوْ عِوَضًا فِي الدُّنْيَا وَبَدَلًا فِي الْعُقْبَى، وقوله: (اللهم اعط ممسكًا تلفًا) أي اجعل التَّلفَ في ماله، فلا يحصل له غير النقصان، وهذا النقصان قد يكون حسياً، وقد يكون معنوياً كمن يبتليه الله بداء عضال ينفق عليه جل أو كل ماله ثم لا يجد منه شفاء، ومعنى هذا الحديث: الحض على الإنفاق في الواجبات، كالنفقة على الأهل وصلة الرحم، ويدخل فيه صدقة التطوع، والفرض، ومعلوم أن دعاء الملائكة مجاب، بدليل قوله: (فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)
ومصداق الحديث قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} يعنى ما أنفقتم فى طاعة الله، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل جلاله (ابن آدم، أنفق أُنفق عليك) قال بعض العلماء: أبهم الخَلَفُ في هذا الحديث، ليتناول المال والثواب وغيرهما، والتَلَفُ يتناول ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال.
قال صاحب فتح المنعم بشرح صحيح مسلم: الإجابة للدعاء بالخلف للمنفق تحتمل ثلاثة أمور: إما العوض المالي مع المضاعفة في الدنيا، وإما أن يدفع عنه من السوء في الدنيا بما يقابل نفقته، وإما أن يحتفظ له بالعوض كثواب أخروي، والإجابة للدعاء بالتلف للممسك تحتمل خمسة أمور: إما تلف في المال الموجود بالضياع، أو عدم الانتفاع بصرفه فيما لا ينفع أو فيما يضر، وإما تضييق في الرزق، فيكون الممنوع في حكم ما أعطي وتلف، وإما تلف في غير المال من النعم الأخرى كتلف الأنفس والصحة، وإما انشغال بالأموال عن الطاعات، فتكون الطاعات غير الحاصلة في حكم التي وصلت وأحبطت، وإما ضياع الأجر والثواب وضياع الحسنات التي كان من الممكن تحصيلها بالإنفاق، فتكون الحسنات الضائعة في حكم الحاصلة التالفة.
وظاهر الحديث في إخلاف المال للمنفق وإتلافه عليه في الدنيا. وكثير من الناس بحكم الطبيعة البشرية يحرص على الإخلاف المالي في الدنيا ويدفعه ذلك إلى الإنفاق
التعليقات مغلقة.