من أعلى المنصة | ياسر الفادني يكتب: كيف تَغَطِي الصورة صورة؟

0

الخرطوم/ الرائد نت

ليه حياتنا اخترت غيرا؟ فيها أحلامنا وكلامنا ..فيها حاجاتنا الصغيرة ، أروع ما كتب الشاعر الراحل المقيم حسن الزبير صياد النجوم كما يلقب ، القصيدة عنوانها الجملة التي استفتحت بها مقالي ، تغني بهذه القصيدة الفنان المرهف المبدع الطيب مدثر

الشاعر المبدع حسن الزبير يعد من أحد عمالقة الشعر الغنائي في السودان ولد باللاماب بحر ابيض في الأربعينيات اهدى نبضه الشعري لعدد من الفنانين أمثال محمد أحمد عوض ( حبيبي فاكرك معايا ) و( القليب الراسمو حنه) للفنان عبد العظيم حركة و(ما بنختلف) لخوجلي عثمان ويا (مدهشة ) للفنان محمود عبد العزيز وله عدة دوايين شعر منها ( فراحية) وما (بنختلف) (ودفق ياعسل) ، كان الشاعر حسن الزبير يتبني المواهب الفنية الشابة وقيل أنه تبني الفنان محمود عبد العزيز في بداياته ودعمه بشعره

البناء الشعري لهذه القصيدة اعمدته بناها الشاعر من مواد الأسئلة وهي الأسئلة الحائرة التي تجسد الحالة وتهييء المتلقي للإجابة عليها دون أن يجيب عليها الشاعر وهي مدرسة اتبعها عدد من الشعراء العرب أمثال إيليا أبو ماضي في قصيدته البحر حينما قال : هل أنا يا بحر منك؟ ، هنا أكثر شاعرنا حسن الزبير من الأسئلة وهو منهج يسمي في مدرسة النقد الأدبي الحديث التموضع في وسط دائرة الانجذاب السمعي…..
كيف تغطي الصورة صورة؟
إيه لقيت فيهو الجديد؟
هل قدر يكسر غرورك؟
هل هو في الأحلام بزورك
هل هو بالجد…بيعرف لعبة الريد واصولا ؟

المبدع الشاعر الراحل حسن الزبير يبدو أنه مطلع على كتب البلاغة والنحو وتبحر في ذلك كثيرا ونقل إبداع اللغة العربية إلى إبداع بلاغي ولفظي عجيب ألبسه نبضه الشعري الذي خطه باللغة العامية ، التشابيه الراقية والمكامن البلاغية التي أدخلها في هذه القصيدة
هل صحيح راقي ومهندم
هل ببكي الريد عيونو
هل عرفتو مابتندم
في الليالي القاسي طولا

حسن الزبير شاعر أمتلك ناصية اللغة العامية وأخرج منها ابداعا منطلق النظير ، يختار المفردات بعناية وينقي الجمل الحلوة ويشنف الاذان من حيث الجرس الموسيقي والعبارة الجاذبة وهو بحق صياد نجوم الكلمة الطروبة ، لعب بجمال التورية البلاغية والجناس اللفظي البديع ..
ألف مبروك يامخير
إنت بتبيع المشاعر
البصر دون البصائر
والأصل ماببقي صورة

الفنان المبدع وصاحب الصوت القوي الفريد والمتميز أداءا ، تعاون معه صياد النجوم في كثير من أغانيه ولعل هذه القصيدة أعجبت الفنان الطيب مدثر وحس بها نبضا قبل أن يحس بها لحنا لذا أتته الطاقة الإيجابية الفنية ليضع بصماتها ولمساتها الموسيقية واللحنية ، الطيب مدثر يجمع بين جيلين جيل العمالقة وجيل الشباب وهذه ميزة فنية ميزته و ظهرت في العديد من أغانيه يكفيه فضلا بأنه أبرز إمكانياته الصوتية الراقية وإمكانياته اللحنية فاخرج هذا العمل الذي يشبه النبض الجميل للشاعر ود الزبير وأظهر حلاوة الغناء السوداني في لونية الفنان الطيب مدثر …

نجمان يزينان مقالي اليوم نجم كان صيادا للنجوم ولم يصطاد إلا السامقة منها و المضيئة فيها…. لكنه أفل ورحل عنا تاركا عسلا سودانيا مصفي كلماتا ولحنا ، والنجم الثاني هو صاحب الخامة الصوتية النادرة الذي عطر سماء الغناء السوداني بالق ونغم جميل ، الذي رحل هو خالد فينا ابدا والذي بقي سيظل فينا احساسا جميلا ونغما شجيا كلما نسمع صوته فهذا هو الغناء السوداني ولا ( بلاش) !.

اترك رد