من أعلى المنصة | ياسر الفادني يكتب: بتقولي لا !
الخرطوم/ الرائد نت
بتقولي لا…..يالهفة المشتاق ويا طعم الحلا !، هذه القصيدة تعتبر من أعذب وأجمل ما كتب الشاعر عثمان خالد ولعل هذا الشاعر النحرير لا يعرفه الكثيرون ولم يلق حظه من التسليط الإعلامي والثقافي التوثيقي الواسع ، كلمات هذه القصيدة ومفرداتها يبدو أن شاعرنا عندما أمسك بيراعه ليكتب كان في لحظة تجلي شعري عارم فيه أخيلة المتفرد وبوح الكاتب ولهفة المشتاق وأنين الصادق ،
حياته كانت رحلة استغرقتها التطلع لعالم جميل ، شعره مدرسة هزت قلاع التقليدية وأفكار إنسانية صاغها في قالب شعري من نفس طويل وإيقاع منتظم وصياغة جمالية تدفقت ألقا وكانت فتحا جديدا في حديقة الشعر الغنائي السوداني الوارفة الظلال ، كلماته كانت رحلة مع العيون عندما غنى له إبن البادية :
انساك؟ انت بتتنسي ما انت روحنا و حبنا
سافرنا في عينيك ولسه قلوبنا بيك متجننة
مايميز شعر المبدع خالد عثمان أن مدرسته هي مدرسة الشوق (المكتوم ) الذي لا تعبر عنه الآهة لكن تعبر عنه الجملة والتراكيب الشعرية التي حبرها بالأنفاس الحري مدادا و تحولت إلى إظهار المحسوس ليكون ملموسا بكلمة (ياحليلو) ! حينما كتب
ياقلبي المكتول كمد
اعصر دموع ….هاك غنوة لي سيد البلد …ياحليلو التي دندن بها حمد الريح ، هنا كرر مفردة ياحليلو ليضع أقطاب إنجذاب تستفز عاطفة المستمع وتشنف اذانه للإنصات الجميل والسلس وهذا النهج لايفعله إلا شفيف الحس مفردة ومن ملك ناصية اللهجة العامية الجميلة والناضجة
اغنية بتقولي لا ..ظرزها المبدع الفاتح كسلاوي في ثوب قشيب ووضعها في قالب لحني بديع من ذهب جعلها واحدة من الدرر المضيئة في خارطة الغناء السوداني
انا بيك بللم في النجوم ياحلوة أحرف وأشتلا
بملاها رقة ودندنات وعناق حنان ومبادلا
واهديك حنان ما أظنوا كان في الدنيا أو كانت صله
الكلمات الجميلة تسقيها المياه العذبة لحنا كما فعل كسلاوي مع الفنان عبد العزيز المبارك في هذه الأغنية ، كسلاوي ضمخ وجدان المستمعين بأعذب الألحان التي جادت بها دواخله المترعة بالشجن الأليم وهو يعتبر من المبدعين الذين خرجت معاناتهم من خلال إبداعهم ، كان قلقا متبرما من إجهاد الحياة التي لم يستطيع إحتمالها ظهر ذلك في لحنه لأغنية (ليه كل العذاب ليه كل الضني ؟) والتي وضع العندليب الأسمر زيدان إبراهيم فيها بصماته الصوتية …
بتقولي لا ….غناها الرائع الفنان عبدالعزيز المبارك بصوته العذب الشجي الصوت الذي خامته فريدة في عالم الغناء لاتكرر ، عبد العزيز المبارك الذي جده الادريس( ود الارباب راجل العليغون) كما وصفه المؤرخ الطيب محمد الطيب ، مدينة مدني أعطته مسحة إبداع والتي سكن فيها ، التقي عبد العزيز المبارك مع كسلاوي في جلسة جمعت بين أحمد المبارك شقيقة الأكبر وسمع كسلاوي صوت عبد العزيز المبارك بالعود وقال حينها : هذا هو الصوت الذي كنت أبحث عنه وأهداهو ( أغنية بتقولي لا ) وأغنية (ياعزنا وياحبنا)
عبد العزيز المبارك يمتلك لونية صوتية عجيبة وهو من الفنانين الذبن يطوعون صوتهم ويشكلونه علي حسب موسيقي وجرس المفردة وظهر ذلك عندما دندن :
وازرع هواك بين النجوم روضة حنان وادللا
واهديك لحون ياغالية لانسابت ولا عود غازلا وأخلي كل الكون يكون فنان يقول يامذهلة
ثلاثية فريدة جمعت شاعر من النسق الفريد والنادر وملحن تمرد علي التقليد وانداح نغما وفنان سمق في سماء الفن السوداني ، ألا رحمهم الله جميعا فهم بلا شك خالدون في وجداننا قبل آذاننا نسأل الله لهم المغفرة والقبول .