صحيفة تجري حوار مع غاضبون وملوك الاشتباك وتكشف عن المثير
متابعات/ الرائد نت
(ملوك الاشتباك وغاضبون).. الجزء ألأول
خط الدفاع الأول: تعلمنا من التجربة السابقة أن نصف ثورة يعني الموت..المجموعتان: لم نتلقى جُنيهًا واحدًا من أية جهة، ونعتمد على (الشير) لطباعة الأعلام والملصقات
فكرة التأسيس للكيان هدفها تأمين المواكب وحماية المتظاهرين قدر المستطاع
(ملوك الاشتباك): نسير في هذا الطريق وحدنا، وتملكنا التعب، لكن مع تفاقم حِدة البطش والقمع لن نستلقى أثناء المعركة
غاضبون: بيننا (٩) أفراد بُترت أطرافهم واستئصال عين ثائر والعشرات من الجرحى
المجموعتان: حملات التخوين متوقعة ونرفض التماهي مع العساكر واتباع النظام البائد
غاضبون: كل العضوية مواليد (2000، 2003، 2004، 1999)، يدرس بعضهم في المرحلة الثانوية والتحق بعضهم حديثًا بالجامعات
تحقيق: سلمى عبدالعزيز
عقب اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة تشكلت عدد من الكيانات والكتل الثورية الشابة بعدة مسميات أبرزها (ملوك اشتباكات المواكب، وغاضبون بلا حدود)، عُرفت بتمسكها بتحقيق أهداف الثورة وعضويتها الشابة واثبتت قدرتها على تأمين المواكب والمحافظة على استمرارها أطول فترة زمنية ممكنة، تصدي هذه الكيانات الشبابية للقمع المفرط من قبل الأجهزة الامنية جعلها عُرضة للاستهداف والقتل والاعتقالات المتكررة لعضويتها.. تُرى ماهي حقيقة هذه المجموعات..؟ وهل حقيقة أن هناك من يقف خلفها..؟ ويدعمها؟ (الجريدة) تستنطق عدداً من كوادر كيانات ثورية عُرفت بموقفها الراديكالي من الجلوس أو التفاوض مع السلطة ما لم تتحقق شعارات الثورة والقصاص للشهداء..
ملوك الاشتباك ـــ النشأة ونواة التكوين
تأهب عضو مجموعة “ملوك الاشتباك” قبل دقائق من انطلاق مواكب مدينة بحري المتوجهة نحو القصر الجمهوري في مليونية 19 ديسمبر الماضي لتأمينها؛ لملم أغراضه على عجالة ومن ثمة وضعها داخل حقيبة ظهر احكم قبضتها وركض مسرعًا نحو الصفوف الأمامية. يقول “علي” وتجدر الإشارة هُنا إلى أنه اسم أخترناه له علمًا بأنه تعرض لضرب مبرح من قبل مجهولين تسبب في كسر يده اليمنى خواتيم العام المنصرم، يقول إنه ألتحق بالمجموعة مؤخرًا حيث لفت انتباهه الصمود والعزيمة التي يمتاز بها اعضائها والدور الكبير الذي يقومون به.
وعلى النقيض تمامًا هناك (ح ـ ص) ـ من مؤسسي ملوك الاشتباك ـ يقول لـ(الجريدة) إنّ تأسيسها في يناير من العام 2019 لم يكن مرتبًا له، حيث التحمت مجموعة من الشباب تصر على القصاص للشهداء وترى أن الأحزاب السياسية باعت دمائهم وساهمت في تفاقم آلة العنف والقمع ضد المتظاهرين. ويصف “ص” بداية “ملوك الاشتباك” بالصعبة فقد قابلهم بعض المواطنين بالشتائم الجارحة على شاكلة “صعاليك، مخربين، قليلين أدب، شفع، مامحترمين.. الخ” إلا أنها على قساوتها زادتهم تماسكًا وعزيمة.
خط الدفاع الأول
ويرى أنّ مجموعته تُشكل خط دفاع أول بتسيدها للصفوف الامامية ونتيجة لذلك تعرض عدد كبير منهم لإصابات خطيرة وهو في مقدمتهم، حيث أُصيب بكسور في يده وقدمه خلال مشاركته في مليونية 25 ديسمبر الماضي، كما تكرر اصابة العديد منهم في فترات متقاربة. وتؤكد ـ احدى ايقونات ثورة ديسمبر المجيدة في حديثها لـ(الجريدة) إن شقيقها الاصغر عضو مجموعة ملوك الاشتباك قد تعرض أيضًا للإصابة خلال مشاركته في تأمين مظاهرات ما بعد إنقلاب 25 اكتوبر الماضي.
تُهم باطلة
واجهت (ملوك الاشتباك وغاضبون) تُهم عديدة في مقدمتها التمويل من جهات عِدة داخلية وخارجية. قِيل أنه قد تم مدهم بمبالغ مالية طائلة بغية تنفيذ أجندة واغراض الجهات الممولة. دحرًا لهذه المزاعم تقول عضوة بكيان (غاضبون) لـ(الجريدة) إنهم درجوا على المشاركة في المظاهرات قبل وبعد سُقوط الرئيس المخلوع عمر البشير، وسرعان ما لفت انتباهم أن اشخاص بعينهم دائمًا ما يكونوا في الصفوف الأمامية، يرجعون عبوات الغاز المسيّل للدموع، ولا يتراجعون مهما تفاقمت حِدة القمع.
وتتابع: مع تِكرار المٌشاركة في المواكب بالعاصمة المثلثة، تشكلت صداقة متينة وكُللت في خاتمة المطاف بإنشاء قروب على تطبيق التواصل الاجتماعي (واتساب) ومنه نبعت فكرة التأسيس لكيان هدفه تأمين المواكب وحماية المتظاهرين قدر المستطاع، فكان (غاضبون بلا حدود) بعد مشاورات وعُدة مقترحات لاسماء قُدمت .
وتنفي الفتاة البالغة من العمر 18 عامًا بشكل قاطع لـ(الجريدة) مزاعم التمويل المتداولة عن الكيان الشاب. وتضيف: لم نتلقى جُنيهًا واحدًا من أية جهة سياسية أو رأسمالية، داخلية أو خارجية منذ تأسيس (غاضبون) وحتى تاريخ اليوم ولن يحدث مستقبلًا.
وتزيد: في أحيان كثيرة سيما بعد انقلاب الـ(25) من اكتوبر نخرج من منازلنا في الصباح الباكر ونعود في الثامنة مساءً دون أن نكون تناولنا وجبة واحدة. أمّا لطباعة اللافتات والاعلام الخاصة بالمجموعة فإننا درجنا على اعتماد نظام الـ(الشير) نأخذ من عضو (٥٠٠) وآخر (١٠٠٠) جُنيه كُلاً حسب وضعه المادي. لم يدعمنا أحد مُطلقًا على العكس تمامًا نواجه بالانتقاد والسب.
وتستمر في حديثها قائلة: نقرأ هذه التُهم في أوقات تجمعنا المسائية باستغراب شديد ونضحك، كل شيء واضح لمن يبحث عن الحقيقة، أجسادنا الهزيلة التعبة، عدم امتلاكنا لمقار ثابتة، أو ميزانية مخصصة ومحددة.. الخ. كل ذلك يؤكد أننا نسير في هذا الطريق وحدنا، تملكنا التعب نعم، سيما مع تفاقم حِدة البطش وتزايد القمع بصورة كبيرة يلحظها الجميع لكننا لا نستطيع الاستلقاء أثناء المعركة، لانستطيع التراجع من المنتصف، فقد تعلمنا من التجربة السابقة أن نصف الثورة يعني الموت وهو مايحدث الآن. وقد أكد أيضًا اعضاء ملوك الاشتباك رفضهم التام وعدم تلقيهم دعم من اي جهة.
“طاط خالي محطات“
الوقوف في الصفوف الأمامية يحتاج شجاعة فائقة فإحتمالية الإصابة أو القتل قد تكون كبيرة إلاّ أنه وفقًا لما يقوله (ح ـ ص ) بلغة شبابية بحتة فإن شعار ملوك الإشتباك هو “طاط خالي محطات” أيّ أنهم تمكنوا من تجاوز الخوف والمضي قُدمًا.إضافة إلى أنهم ومن خلال التجارب تمكنوا من إيجاد وسائل حماية قد لا تكون ناجعة ولكنها تُقلل حدة المخاطر.
ثمن باهظ
بين صفوف عضوية المجموعتين منذ انخراطهم في العمل الثوري الذي اشتدت وطأته خواتيم العام المنصرم وتزايد بطش الأجهزة الأمنية التي تستحدث أساليب جديدة للحد من التظاهر الرافض للإنقلاب العسكري وما تلاه من اجراءات ارتقى العديد من الشهداء قُتلوا بالرصاص الحي وأُصيب العشرات بعبوات الغاز المسيّل للدموع والقنابل الصوتية، اصابات بعضها تحول إلى (عاهة مستديمة) بتر أطراف أو فقدان عضو مهم في الجسد. يكشف عضو في كيان (غاضبون) لـ(الجريدة) عن استشهاد (4) اعضاء منهم خلال فترة زمنية وجيزة بدءًا من شهيد مدينة أم درمان عبدالله عباس طه المشهور بـ(الروسي) إثر تعرضه لطلق ناري في البطن خلال مشاركته في مذبحة الـ30 من ديسمبر الماضي.
وهناك أيضًا شهيد منطقة (الحلفايا) بمدينة بحري يس عمر الذي استشهد في الـ(28) من اكتوبر 2021 ثم لحق بِه الشهيد مروان جمال الشاب ذو الـ19 عامًا من ابناء (شمبات) ببحري بعد يوم من المعاناة في غرفة العناية المكثفة جراء اصابته بطلق ناري في منطقة بحري المؤسسة في الـ28 من اكتوبر كذلك. وهُما صديقين واعضاء فاعلين في (غاضبون بلا حدود) وقد تم ضربهما برصاصة واحدة اخترقت جسد الأول وانتقلت للثاني.
أما آخرهم فهو الشهيد مضوي ضياء الدين ابن منطقة (الحصاحيصا) ولاية الجزيرة 19 عامًا احد شهداء القمع المفرط الذي قُوبلت به مليونية 17 يناير الماضي متأثرًا باصابة بطلق ناري في الصدر.
تتفاوت الاصابات بين خطيرة وطفيفة لدى عضوية المجموعتين اللائي تنحصر أعمارهم بين الـ17 إلى 23) عاماً، هذا ما أكده احد اعضاء كيان (غاضبون) لـ(الجريدة) ويُضيف: كافة العضوية مواليد الاعوام (2000، 2003، 2004، 1999)، يدرس بعضهم في المرحلة الثانوية بينما التحق بعضهم حديثًا بالجامعات.
مشيراً إلى أن اصابة (ي) في عينه ما استوجب استئصالها لاحقًا أولى الاصابات التي شكلت صدمة بينهم لفداحة الخسائر ثم تلاحقت بعد ذلك سلسلة الاصابات الخطيرة حتى بلغ عدد الذين بُترت أطرافهم (9) وكلها جراء اطلاق القنابل الصوتية بكثافة في المظاهرات.
تم حجب اسماء أعضاء المجموعتين الذين أدلوا بافادات لـ(الجريدة) بغرض حماية المصادر.