الفاتح جبرا يكتب : تزوير الوثيقة !
متابعات/ الرائد نت
لقد اتضح جلياً بأن الشراكة التي تمت بين المجلس العسكري الانقلابي وأحزاب قوى الحرية والتغيير في تلك الوثيقة الدستورية قد بنيت على بيع الثورة مقابل الشراكة في السلطة، أما المواطن والوطن ومصالحه فلم يكن لهم بين نصوصها العرجاء أي نصيب .
جاءت تلك الوثيقة الكارثية نتيجة تواطؤ خبيث ومؤامرات مدفوعة الثمن من دول محور الشر لذلك لم يكتب لها التوفيق فمنذ توقيعها في ١٧ أغسطس ٢٠١٩ وحتى الآن كانت هي مثار المشاكل بين الشريكين ومثار شك أكبر بين أفراد الشعب السوداني، فكلنا رأى ذلك الجدل الذي ثار وسط القانونيين بعد ظهور أكثر من نسخة لتلك الوثيقة الدستورية وثارت التساؤلات: أيهما التي تم التوقيع عليها ؟ حتى خرج لنا وزير العدل يومها ووضح لنا الحقيقة وحسم الأمر بنشر نسخة معتمدة في الجريدة الرسمية، ومنذ ذلك الوقت صار العبث بها هو سيد الموقف إذ عطلت فيها أهم البنود وهو المجلس التشريعي الذي كان يمكنه أن يحدث توازناً في الرقابة على عمل السلطات ومحاسبتها بدلاً عن مكافأتها بالمزيد من التنازلات ، وعبره أيضاً كان يمكن ان تقوم مفوضيات القضاء والنيابة والخدمة المدنية والمحكمة الدستورية التي أدى غيابها لايقاف تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت في حق من قتلوا الثوار كما وتعطلت العدالة وصارت الأحكام حبر على ورق ومن هنا كان هدم الثورة الحقيقي حيث تمت الاستعاضة عن المجلس التشريعي بمجلس تشريعي عجيب غريب يقوم بين الشركاء فقط لتمرير ما يتفقون عليه ضد إرادة الشعب.
ومع كل تلك المآخذ وما تلاها من إتفاق جوبا المشؤوم والذي جعل من هذه الوثيقة ورقة لا قيمة لها بعد اضافة نصوص تعطيه حق السمو عليها (في وضع غريب) يفضح حجم المؤامرة التي تمت، ومع علاتها واعتراضنا على ذلك، الا اننا قبلناها كتسليم بسياسة الأمر الواقع وقيمناها بأنها وثيقة دستورية واجب الالتزام بها في الأحوال إلى أن خرج علينا الدكتور إبراهيم الامين عضو حزب الامة (وهو أحد مكونات قحت) والذي شارك في المفاوضات التي تمت بينها وبين العسكر بتصريح خطير وهو أن هذه الوثيقة الدستورية المعمول بها الآن حدث فيها تعديل لم يعلن للشعب قام به ثلاثة أفراد لم يذكر أسماءهم فكانت مفاجأة داوية و(كلام خطير جداً) أدخلنا في تساؤلات كثيرة ومحيرة أولها لماذا صمت الدكتور ابراهيم الأمين طيلة السنوات الماضية على هذا التصرف الخطير؟ وهل خوفه من الفتنة (كما قال) كان أكبر من خوفه على الوطن وخداع شعبه؟ وكيف فعلها الدكتور وقد كان فينا مرجوا نشهد له بالحكمة والخبرة والتوازن والوقار؟ كيف هان عليه كل ذلك وضحى به مقابل التستر على هذه الكارثة؟ ولماذا الآن فقط استيقظ ضمير الدكتور وفي هذه الآونة (تحديداً) التي تشهد فيها البلاد اضطرابات وخلافات حادة بين المكونين المدني والعسكري وانشقاقات في قحت؟
الا يخاف الدكتور أن يفسر حديثه هذا بأنه مجرد تصفية حسابات شخصيه (مثلاً) بينه وبين بقية الاحزاب؟ وما دام الدكتور قد ذكر هذا الخبر الكارثي فلماذا أخفى من قاموا به؟ وما هي الحكمة في هذا التصرف ؟ فاذا كان الدكتور منذ البداية لا ينوي البوح بكل الحقيقة أما كان الاجدى به الاستمرار في الصمت والا ما هي فائدة تصريحه هكذا دون ذكر أي تفاصيل؟
هذا الأمر يمس الشعب الذي من حقه أن يعرف عبر أي دستور تحكم بلاده؟ نحن لسنا رعاعاً حتى يتم توجيهنا بارادة واهواء شخصية، فالدساتير في كل الدنيا لها ضوابط وحماية وقدسية أولها علم الشعب بها وبما جاء فيها من نصوص وموافقته عليها فكيف تم كل هذا التلاعب ولماذا سكت وتستر عليه الدكتور ابراهيم الأمين حتى إذا ما احتدمت الخلافات بينهم كأحزاب قام بإخراجه للعلن ؟ إن هذا (التزوير) خيانة لن يسكت الشعب عليها وتستدعي تحقيقات عاجلة وشفافة توضح كل الأمور وتظهر كل ما خفى منها ومحاسبة كل من قاموا بهذا التلاعب الخطير وقبل ذلك محاسبة الدكتور وحزبه، فصمته عن هذه الجريمة يجعله شريكاً مع هؤلاء المجرمين .
ختاماً ستظل الثورة تغربل المتسلقين عبرها فاما الزبد فيذهب جفاء ويبقى ما ينفع الناس وكل من تأمر عليها سوف يسقط لا محالة وكل من كاد لها فكيده مردود عليه، وأظن ان مسلسل السقوط قد بدأت حلقاته والأيام المقبلة سوف تشهد الكثير المثير الخطر لهؤلاء العملاء الذين أعمتهم المكاسب الرخيصة ودعاءنا عليهم أن اللهم أضرب الظالمين بالظالمين وأخرج شعبنا منهم سالمين يا رب العالمين.
كسرة :
هي الوثيقة بدون تزوير ما نافعة !