زهير السراج يكتب.. فضيحة تعيينات الخارجية !
متابعات /شبكة الرائد الإخبارية
* لماذا كلما ثار الشعب وأسقط حكاما فاسدين، جلس على الكرسي الذين هم أكثر فسادا وانعداما للضمير، لا يجدون من يردعهم ويكسر يدهم، فلا يرفعونها على مواطن، ولا يتجرؤون على الاستهانة به وسرقة حقوقه !
* دعكم من سرقة الثورة والمحاصصات والانتهازية والضائقة المعيشية والغلاء الفاحش والازمات المتواصلة ومسرحيات (اردول) السخيفة في ترحيل العاملين، والتجهيزات لحفل تنصيب الامبراطور (مناوى) الأول، وأنظروا فقط لفضيحة التعيينات الاخيرة في وزارة الخارجية التي اكتظت بها المواقع الإلكترونية والوسائط، ساخرة من تعيين بعض الراسبين واستبعاد عدد من الناجحين بدرجات كبيرة في الامتحانات التحريرية ما عدا ستة فقط من جملة خمسين تم استيعابهم للوظائف المعلنة!
* لقد توقعت من باب حسن النية في حكومة الثورة ووزارة الخارجية، وشكوكي في ارتكابها لهذه الفضيحة النكراء، أن تنفى ما تداولته المواقع والوسائط ولكنها لم تفعل للأسف الشديد، إلا أنه الوزيرة استشعرت الحرج وأصدرت بيانا قصيرا أعلنت فيه عن تكوين لجنة للاستئنافات بالتعاون مع لجنة الاختيار للخدمة للنظر في التظلمات ومعالجتها وهو ما يؤكد حدوث فساد وتجاوزات، وكان من المفروض أن تصدر الوزيرة قرارا بتشكيل لجنة تحقيق فيما حدث ومعاقبة المخطئين الذين أساؤوا للثورة وحكومتها ووزارة الخارجية، بتجاوز الأسس السليمة واستبعاد الناجحين واختيار الراسبين !
* وكان السيدان المبجلان وكيل الوزارة ومدير إدارة الموارد البشرية قد خرجا يتحدثان ويصدران البيانات عن شفافية ونزاهة الاختيار، في الوقت الذى كانت فيه الوسائط تكتظ بنتائج الامتحانات وتفضح الشفافية والنزاهة والصرامة في الاختيار التي تحدث عنها القياديان الرفيعان وخرجا يهللان لها، بدلا عن الانزواء خجلا، أو على الاقل إصدار بيان لشرح طريقة الاختيار والتوضيح للشعب وللآلاف الذين تقدموا للوظائف ثقةً في بلدهم وعدالة حكومتهم وحرصها على تطبيق مبدأ الشفافية وإتاحة الفرص المتساوية للجميع، لماذا تم اختيار الراسبين واستبعاد الناجحين، ولكنهما سقطا في الامتحان وخرجا يشيدان ويباركان ويهنئان، وأعلن الوكيل عن فتح وظائف في المستقبل القريب للشباب والعنصر النسائي ومراعاة المناطق المهمشة في الاختيار، ولكنه نسى أن يعلن بأن الوزارة ستختار من تريد بغض النظر عن نتائج الامتحانات إتباعا لنفس السياسة الفاسدة في الاختيار للوظائف العامة التي سنها النظام البائد واحتكر بها العمل في اجهزة الدولة للأهل والاقارب والموالين !
* لقد استغرقت عملية الاختيار للوظائف قرابة العام بدءا من مرحلة فحص الشهادات وامتحانات لجنة الاختيار للخدمة القومية في المعلومات العامة واختبارات الذكاء (IQ Tests )، ثم الامتحانات التحريرية التي اشرفت عليها جامعة الخرطوم، وتم إعلان الناجحين في جميع المراحل في كشوفات تثبت في لوحات بمفوضية الاختيار للخدمة المدنية!
* شملت الامتحانات التحريرية التي اشرفت عليها جامعة الخرطوم مواد العلاقات الدولية والمعلومات العامة واللغة العربية واللغة الإنجليزية، وحددت الجامعة الخرطوم نسبة النجاح في كل مادة ب 50%على الا يقل معدل القبول عن 60%، وتم إعلان ذلك في مؤتمر صحفي بثته وكالة السودان للأنباء والتلفزيون القومي، وهو موجود على اليوتيوب، ثم نشرت كشوفات الناجحين مع توصية بتعيينهم.
* الفساد بدأ من مرحلة كشوفات المختارين لدخول المعاينات النهائية، وتخفيض المعدل من 60 % الى 50 %، كما نُشرت قوائم تحوى اسماء اشخاص سقطوا في بعض المواد بالإضافة الى اختيار مرشحين بمعدل ضعيف بالكاد يصل الى خمسين بالمئة !* بعد انتهاء مرحلة المعاينات فوجئ الناس بظهور اسماء في قائمة المستوعبين للوظائف لم يحصل اصحابها ــ حسب الرصد الدقيق الذى قامت به الاكاديمية والمهندسة (أروى كمال) ــ على نسبة النجاح المطلوبة وبعضهم راسب في مادة أو مادتين واحيانا ثلاث مواد، أحرزوا فيها اقل من خمسين بالمئة، ويمكن لأى شخص أن يتأكد من ذلك بالاطلاع على الكشوفات المنشورة!
* إذن أين هي الشفافية وإعطاء الفرصة للتنافس الحر اللتين تحدث عنهما الوكيل، خاصة مع ما جاء في بيانه بأن المعدل الذى اعتمد عليه في اختيار الاشخاص للوظائف هو 50 %، وليس كما أعلن من قبل بأنه 60 %، بل حتى الخمسين في المئة التي تحدث عنها الوكيل تم تجاوزها، حسب ما تظهره كشوفات النتائج ؟!
* ونتساءل .. لماذا بذل كل ذلك الجهد الكبير وتبديد المال العام وإضاعة الوقت وتكبيد العديد من الجهات على رأسها جامعة الخرطوم مشقة المشاركة، وإشاعة الامل في نفوس الالاف من الشباب بانتهاء عهد الفساد والمحسوبية في الاختيار للوظائف العامة واتاحة الفرصة للمجتهدين المتفوقين في الحصول على الوظيفة، إذا كانت المحصلة النهائية هي استبعاد الناجحين واصحاب الدرجات العليا واختيار الراسبين وأصحاب الدرجات المتدنية من اصحاب الحظوة والمحظوظين؟!
* ان ما حدث ليس مجرد فساد ومحسوبية، ولكنه فضيحة واستهانة بالشعب، ولو وجدتُ كلمات أكثر قسوة لما ترددت في استخدامها ولو أودت بي الى السجن، حيث لا يحتمل الوضع التهذيب وتنميق الحديث، ولا بد من الوقوف بحزم وصرامة من الجميع لمكافحة هذه الفضيحة بكل الوسائل المشروعة، ولا يكفى تكوين لجنة استئناف للنظر في التظلمات، وإنما معاقبة المخطئين والفاسدين حتى يكونوا عظة وعبرة لغيرهم، وكفاية مسخرة واستهتارا واستهانة وأكل حقوق الناس بالباطل!