بشارة جمعة أرور يكتب: عجباً للإفراغ الذي سبق الإغراق

متابعات/ الرائد نت

يا لها من عجائب لا تنقضي ولاتنتهي…،من هم هؤلاء الذين يحدثون الناس عن الإغراق وهم من بدأوا بالمقلوب فقاموا بالإفراغ وسمكروا في مطابخ الغرف المظلمة مع الأجانب الإخراج لمشروع إنهاء الإنقلاب…حيث مارسوا هوايتهم المفضلة في تغبيش الوعي للبسطاء بالفهلوة والتدليس السياسي…
ومرة أخرى عادت شؤم المرحلة ترمينا ببعض العابثين في الساحة السياسية يحلبون النحس ويملؤون الدنيا بتصريحاتهم الجوفاء وتصرفاتهم الحمقاء على مسرح اللامعقول في الفترة الانتقالية، فما يعرضه العابثون بالأرواح والأعراض والقيم وحتى الألفاظ على هذا المسرح في شأن السياسة وإدارة شؤون البلاد والعباد لا يمثل إحتقاراً لعقول الآخرين بقدر ما يشكل إساءة لعقولهم وهذا هو عين اللامعقول لأن الساحة تشهد نوبة جديدة من الهراء والتُرهات، فقد وقف خطباء العبث السياسي ليحدثونا بأصواتهم المهزوزة عن المبادئ السياسية وقيم الدين والوطنية ومن يحق له ومن لايحق له…كما لو كانت حكراً عليهم، وليرموا مخالفيهم الرأي حول ما قاموا به من إتفاق ولم يدخروا في ذلك مما تيسر وتعسر من الأقوال والعبارات الباهتة والمبتورة من حيث المغزى ومضمون الرسالة المقصودة…والله هانت وأصبح العقلاء والحكماء في بلادي غرباء والغوغاء والرجرجة والدهماء خطباء، والعملاء أوصياء، نعم حُق على المتآمر أن يحاك عبرهم الدسائس والمؤامرات ضد الوطن…
وقد قال قائلهم أن الاتفاق حصري ولن نسمح بالإغراق وهو لا يعلم بأنه قام بالإفراغ قبل أن يضع قلم التوقيع على تلك الوريقات وليته كان ذا فهم وإدراك فيعلم أن الإغراق يسبق الإفراغ وليست العكس وهذه واحدة من عجائب السياسة التي لا تنتهي في السودان…
إن مثل هذا الغلو كان يمكن أن يكون مفهوماً كتقدير خاطئ لو كان القوم صادقين مع أنفسهم في منطقهم متسقين في منطقهم…،لذا يعتبر هذا النوع من الكلام خطلاً وخواءاً سياسياً بيد أن أمر الملأ المتسلط على رقابنا أسوأ من ما هو متخيل.
وغاية ما يقدمونه أهل الإتفاق الإطاري لتبرير هذا التضارب والتناقض الصريح والكذب البواح بقولهم عدم إغراق هو مخاطبة عقول البسطاء فقط لا شيء آخر. فهل الإطار أصلاً كان مُمتلِئ يا أيها السادة والسيدات أباطرة وأساطينُ إنهي الإنقلاب بمصالحة الإنقلاب ومساحة المنقلبين عليكم حسب زعمكم المفضوح بعد أكتم صنم أجوة اللات المثلثة فصارت بعد عام مثلجة عند…،فالإغراق يسبق الإفراغ وليست العكس يا سادة وها أنتم فرغتم الفترة الانتقالية من أهدافها،مشاريعها وشعاراتها
ومثل هذا القول فيه إستخفاف مذهل بالعقول ويجافي أسس المنطق لأنه لا يجوز أن يُجمع الشيء وضدّ، وتعاطي الحرام لا يحوله لحلال !!
إن الواضح لكل ذي بصيرة هو أن ما يقوله بعض قادة الإتفاق الإطاري من قوى الحرية والتغيير المركزي ومن إنخرط وخاض معهم لا يعدو أن يكون لجاجاً بلا قيمة فلا أساس موضوعي للإحتجاج أو إنكار أقوالهم بعد خطابتهم ومقابلاتهم الإعلامية مباشرةً بعد التوقيع على الاتفاق الاستثماري والإنبطاح الضطراري…
يا أيها الشعب السوداني إن هذا الملأ المتسلط الذي سمي بالحرية والتغيير ويفضل أن تسمى:( قوى الكراهية والتدمير) لا يستطيعون أن يقدموا حجة مبدئية صحيحة على مواقفهم المتناقضة المتزمة بل هم غير قادرين حتى اللحظة أن يقدموا حجة مقنعة مبنية على تقديرات سياسية سليمة.
وقد زعموا من قبل بأنهم لن يدخروا جهداً لإنهاء الإنقلاب، ولكن بالعكس تغيرت المفهيم وكثر الدعوات والعوازيم بين من سمي أهل بدرالتغيير وقوم تبع قوى الانتقال،وتبدلت المواقف عند ملتقي ال…!!
فقد سول الخيال السياسي المريض لهؤلاء قول الشيء وضدّه في آن واحد وهذا من عجائب السياسة أيضاً…
لقد كلف الإستثمار السياسي القمئ الفترة الانتقالية تكليفاً باهظاً إقتصادياً،اجتماعياً، عسكرياً،أمنياً وأهم من ذلك سياساً علاوة على ما لحق بسمعتنا من العار والشنار لما إقترفته القوى السياسية وقيادات المرحلة المربوكة وحكومتها المرتبكة التي لا مثيل لها في تاريخ البلاد وقل مثيلاتها في تاريخ العالم المعاصر، فإن القوى السياسية التي تسنمت قيادة الدولة في الفترة الانتقالية واختطفت جهد الشباب الحالم بإحداث التغيير والتحول نحو الأفضل تُدرك جيداً أن رصيدها السياسي وسط الغالبية ضحية ممارساتها وقد تآكل إلى ما يقارب حد التلاشي.
ولذا فإن أي تدابير من شأنها إعادة الأوضاع لسابق عهدهم الغابر تحمل خطر إهدار الفرص نحو التحول و وحدة الوطن وهذه خسارة يصعب تحملها…
إن كل ما يجري الآن ليس سوى محاولة يائسة لعودة حليمة إلى قديمتها ولكن هيا هيهات هيهات يا…ما كان أحرانا أن نقف عند حدود الإجتهادات والتقديرات السياسية من أجل الوطن…، لكن أصحاب الإدعاء الفارغ وأدعياء الوطنية دون الآخرين إختاروا لأنفسهم مواقع القيادة والريادة وصاروا يصنفون الناس إلى… وإلى… وهذا أم العجائب السياسية الكبرى…
هل سمعتم بأعداء الدين والوطن ؟ وهل سمعتم بالعملاء الأجراء جواسيس السفراء، وهل تعلمون أن بعض الجهات الأجنبية تعمل على تمويل ودعم مجموعات داخل الأحزاب السياسية لتقسيمها إلى تيارات لتسهل تكوين أحزاب صغيرة تستطيع عبرها تمرير أجندتها…، هؤلاء هم من كانوا يقولون كل شيء بلغة هلامية وحينما التحقوا بالسلطة أكتفوا بالاحتجاج والتباكي لعدم مشاورتهم…
وإن هذا لعمري لشيئ مقرف لا يمكن أن نركن ونتركه يتكرر مرة أخرى ليعيث ويبذر في الوطن بذور الهلاكاً والتدمير خاصة ونحن نعرف عن القوم ما يعرفه الراعي عن سعيته.
السودان وطن مثخن بالجراح والمآسي، يحتار فيه المرء من تخيل قدرة البعض المذهلة لإجتراء الفشل وإبتذال الشعارات الجوفاء والوعود الكذوبة. والحيرة والحسرة تورث في الحلق شجى حين يكون ثمن التزييف والتدليس أرواح تزهق و دماء تسفك وأعراض تهتك…
لكل مزايد ومدعي الوطنية أكثر من الآخرين نقول لهم أي تسوية تضع مصالح وشواغل أشخاص وأفراد على حسب الوطن لن تكتب لها النجاح.
قد اخْتَصم الهدوء وضبط النفوس فينا بصمت لفترات طويلة ولسنين خلت وعرفنا أن ذاك فضل من الله علينا فسكنا مراقبين وراصدين سلوك القوم وأفعالهم وحمدنا الله بأن العلم نور والصبر يزيد جمال الروح ونسأل الله أن تكون الحكمة تاج على رؤوسنا، عليه نرجو أن يكف المزايدون بوائقهم فنحن في غنى عن المهاترات والجدال العقيم.
وإلا فنحن في هذا الشأن الجذيل المحكك والعذيق المرجب.
فإنا عائدون وإن عدنا سنصول ونجول كلأسود في الأدغال ومن أجل الوطن نخوض أشرس المعارك، وفي ساعات الوغى تتميز المواقف عندما تختبر مثابرة وشباب الرجال وتصبح معاني الصمود قلادة، ولحماية البلاد نذود بكل غالي ونفيس،وبكل ما لدينا نجود وحتماً غداً سنسود رغم أنف كل حقود، ولن يستطيع أي كائن سياسي هلامي يواجه من هم في سياسة بحور وسدود وفي المعارك أسود.
إن الحل الأنسب والناجع لمشاكل السودان في التوافق الوطن عبر حوار سوداني لا يستثنى منه أي طرف.

التعليقات مغلقة.