السودان العيكورة يكتب : ما كتار و ما شوية

0

بقلم/ صبري محمد علي (العيكورة)
تابعت لقاءاً عبر الانتباهة أجرته الاستاذه هبه محمود سعيد مع السيد فضل الله برمة ناصر زعيم حزب الأمّة القومي عن بيان الحزب الاخير الذي جمّد بموجبه مشاركته فى الحكومة القادمة . حقيقة قرأتُ اللقاء القصير من الالف الى الياء لم أفهم ان حزب الأمة سيشارك فى الحكومة القادمة أم لا؟ فعندما سألته المُحاوره عن التجميد قال لا انه ليس تجميداً وإنما (وقف تواصل) ! يقول إنهم للمرة الثانية يفعلون ذلك و اتهم السيد برمة المجلس المركزي للحرية والتغيير بالمراوغة ، وعندما سألته كم أخذتم من الوقت فى سبيل الوصول الى توافق قال وقتاً طويلاً دون أن يحدده باي من مقاييس الزمن (طيب وبعدين) عندما سُئل عن من المُتسبب فى هذا الجُمود من أحزاب الحرية والتغيير ، قال أنا أتكلم بشكل عام أن هناك مُماطله وأن حزبه غير مجبور على المشاركة فى شئ لا يؤدي للإصلاح ! نعم أطلقها هكذا (إصلاح) دون ان يُحدد رؤيتهم لهذا الإصلاح ، وقال برمة إنهم لا يريدون تهميشاً أو إقصاءاً لأحد أيضاً دون أن يُفصل من هُم الذين يتعرضون للإقصاء داخل المطبخ ولا يعلمهم الشعب السوداني وفى الختام قال ان الجميع متفقون أن الوضع لا يسمح بأن يطول أمد هذه المراوغة والكل حريص على تشكيل الحكومة ولكن الآراء تختلف واصفاً الحال بأنه لا يحتمل (اللّت والعجن) .
قبل أن أعقب عزيزي القارئ على هذا اللقاء قُل لي بربك هل فهمت أن كان حزب الامة القومي سيشارك فى الحكومة الجديدة أم لا ؟ تذكرتُ وأنا أغلق شاشة (الموبايل) و قد خبطتُ يداً بيدٍ ولسان حالى يقول (حكاية عجيبة ياخ) . تذكرتُ لقاءاً سبق أن أجراه الاستاذ الطاهر حسن التوم مع الرئيس المعزول البشير (ركز معاي) عزيزي القارئ يقولُ السؤال : فخامة الرئيس هل تعتقدون أن أعداؤكم كُثُر؟ فصمت البشير قليلاً ثم أجاب (والله ما كُتار وما شويه) ! فهل تستطيع عزيزي القارئ أن تضع نقطة وسطي بين الكثير و (الشويه) ؟ فهكذا كانت خلاصة اللقاء مع السيد فضل الله ناصر لم يُحدد مشاركتهم من عدمها وترك بينه وبين الواقع حاجزاً زجاجياً يسمحُ بالرؤية ولكنه يحجب الصوت .
(برأيي) أن الوقت ما زال مُبكراً أمام السيد حمدوك ليقف خلف (المايكرفون) ليعلن عن تشكيل الحكومة القادمة طالما أن هذا هو فهم حزب عريق كحزب الامة فكلما كادت الطبخة أن تستوي فإما أن يخرج مُغاضباً أو (حرداناً) ورغم أن السيد ناصر حاول الهروب من الاجابات المباشرة إلا أن المتابع يُدرك أن هناك حرب ضروس تدور رحاها بين مكونات (قحت) بما فيها حزب الامة وهناك (دكتاتورية) مدنية تمارس داخل أروقة التفاوض وهى فرض الرأي تحت مسميات المصلحة الوطنية العليا (طبعاً) وفقاً لرؤية الحزب المُعين وهناك تغليب للمصلحة الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية العُليا دون مراعاة للحال (الواقف) و التدهور الاقتصادي والصحي الذى لم يعُد تحتمل التسويف و(براي) لا قحت ولا الثورية يملكون طريقاً وسطاً للخروج الآمن من هذا المأزق وستزداد معاناة المواطن المسكين فى ظل هذه التجاذبات . حزب الأمة لا يمكن تبرأته من (الانانية الحزبية) فهو دائماً ما يراهن على قواعده خارج صندوق الانتخابات وعلى هذا الرصيد الوهمي يريد أن يُعطي حتى يرضى وما (خمشة) الخمسة وستين عضواً فى المجلس التشريعي ونصفها تقريباً من الولاة والوزراء التى يقول أنها تناسب ثقله السياسي إلا نوعاً من تلك الانانية السياسية فى المقابل ظلّت الجبهة الثورية صامته تنتظر أن يؤذن لصلاة الظهر حتى تدخل القصر في ما يسعى المكون اليساري بمركزية (قحت) أن لا يدخلوه أبداً حتى يفشلوا سلام (جوبا) ويعود الناس مرة أخري لمربع الحرب وأعتقد أن الثورية مُدركة تماماً لهذا (الفلم المكشوف) وتمارس اقصى درجات ضبط النفس حتى لا تفوت الفرصة التاريخية للسلام .
إذاً على مركزية الحرية والتغيير بما فيها حزب الامة القومي أن يغلبوا صوت العقل على هذه المُحاصصه المعيبة وعليهم أن يدركوا أن الشعب بالخارج ليس كله حرية وتغيير ولا كله أنصار وأن الحال قد ضاق به ولا يحتملُ المزيد من التسويف وإلّا فليختاروا واحده فامّا ثورة الجياع أو البيان رقم (1) .

قبل ما أنسي :ـــ
بعض المُحللين السياسيين لم يستبعد الدور المصري فى ما يحدث من تسويف وتأخير تشكيل الحكومة عبر أذرعها داخل الحزب الشيوعي السوداني وذلك بوضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة حتى لا يصل حزب الامه لمركز صناعة القرار لقناعتهم بمواقفه الثابته والعداء التاريخي لمصر . و(برأيي) يظل هذا رأيٌاً يحتملُ الصواب ما لم تُكذبهُ الأيام .

اترك رد