مديحة عبدالله تكتب: ماذا بعد الموت جوعا؟
متابعات/ الرائد نت
يؤلمني أن يرد خبر موت أطفال بالجوع شمال دارفور عرًضا ضمن أخبار المآسِي الكثيرة في الوطن، دون أن يشكل ذلك بندًا في أجندة الخطاب السياسي والإعلامي، ولا أجد العذر لنا كصحفيين وإعلاميين في ضياع الخبر في غمرة الأخبار الأخرى فهو يجسد بشاعة الوضع الذي نعيش فيه، ويؤكد أننا إذا لم نصحو من حالة الغيبوبة السائدة فمن الصعب أن تقوم لنا قائمة وأن نشغل مكانة تليق بالسودان وسط الأمم.
خبر موت الأطفال في شمال دارفور بحي أبو شوك جوعًا بسبب نقص الغذاء يؤشر إلى أننا وصلنا (الميس) في حالة المجاعة التى تواجه (18) مليون مواطن سوداني، والعدد مرشح للزيادة بسبب ارتفاع أسعار الطعام والجفاف والتصحر في (13) ولاية من ولايات البلاد، معلومات أوردتها الوكالات الدولية منذ العام الماضي دون أن تجد الاهتمام المطلوب من قبل الحكومة ولا المجتمع المدني، ولا أدري بالضبط ما هو الأكثر أهمية من تلك القضية.
لن أخوض في موقف السلطات إزاء موت الأطفال، حيث تعاملت بذهنية أمنية مع الأسرة وألقت القبض على والدي الأطفال، فهو لا يدل سوى على أفق ضيق وتجرد من حس المسؤولية تجاه الأسرة وما تكابده من جوع هي نفسها وألم لفقد الأطفال، فليس ما هو مؤلم أكثر من الشعور بعجز الآباء والأمهات عن توفير لقمة العيش لأطفالهم لدرجة الموت جوعا.
وموت الأطفال يكشف بشاعة الحرب وتداعياتها، فالموت ليس بالسلاح فقط إنما بالحرمان من الطعام والعلاج والمأوى، أي توفر كل الأسباب المفضية لمصادرة حق الحياة، والوضع ينذر بموت المزيد من الأطفال فلقد أورد موقع دارفور 24 معلومة تشير إلى نقص الغذاء في ولاية شمال دارفور، وفقًا لتقرير تضمن نتائج المسح الزراعي لما بعد الحصاد الصادر في مارس الماضي، وذلك يشكل جزءًا من معلومات حول وضع الغذاء وأوضاع المواطنين في مختلف أنحاء البلاد..
أجندة العمل السياسي وأولوياته مقلوبة، فإذا لم تشغل قضية نقص الغذاء المفضي للمجاعة والموت القمة في أجندة العمل السياسي وصارت هي المحرك الأساسي لإلغاء قرارات 25 أكتوبر ، لتكون هي منصة الانطلاق لوحدة الإرادة والهدف، سيظل العمل السياسي تائه متعدد الأجندة وضعيف الإرادة ولن يجد السند من أغلبية المواطنين الذين يكابدون من أجل الحصول على لقمة العيش..
نقلا عن صحيفة الميدان
التعليقات مغلقة.