خارج السياق | مديحة عبدالله تكتب: تفشي العنف.. ما العمل؟
متابعات/ الرائد نت
كل يوم جديد يسجل الانقلاب درجات من الفشل في دفتر أيامه المظلمة منذ 25 أكتوبر 2021، والأسوأ تدهور الوضع الأمني والمعيشي، وكلاهما لا ينفصلان، ليس هناك حاجة للإشارة لمظاهر التدهور وفشل قادة الانقلاب في التصدي لمسؤوليات الحكم، وما يهم هنا هو كيفية مواجهة الموقف بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية، صحيح أن القضية المحورية الآن هي هزيمة الانقلاب وكنس تداعياته على الصعيد المحلى والإقليمي والدولي، ويستدعي ذلك عملًا سياسيًا محكمًا تتكاتف فيه إرادة القوى السياسية والمدنية لتحقيق ذلك الهدف وبشكل عاجل.. إلا أن هناك قضية اجتماعية لا يمكن تجاهلها هي العنف المجتمعي اللفظي والمادي.
الاتفاق على رؤية واحدة لمواجهة الوضع الحالي هو مسؤولية القوى السياسية والمدنية، مع خطاب سياسي واضح يكشف كل الحقائق والمعلومات أمام الشعب، فالبعض يعتقد أن (الاحتفاظ بالمعلومات) وتداولها في نطاق ضيق هو أمر جيد في العمل السياسي، بينما العكس صحيح فالمجتمع المستنير هو القادر على المقاومة بأفضل السبل، خاصة وأن أعداء الثورة يستغلون الوسائط الإلكترونية لبث الشائعات مما يخلق بيئة مريضة لا تساعد على المقاومة لهزيمة الانقلاب.
ما يسود الآن من خطاب سياسي وإعلامي وما يتم تداوله بين المجموعات السياسية والمدنية لا يمضي في اتجاه بناء الثقة فيما بينها وبين المجموعات الاجتماعية الأخرى بالشكل المطلوب، وأكبر دليل على ذلك تفشي خطاب الكراهية والعنصرية، والميل لأخذ القانون باليد وتنامي روح الثأر، وتلك أمور تتناقض تمامًا مع شعارات الثورة، حيث لا يمكن أن يمضي هذا التضاد دون وقفة تقييم ومراجعة لمعرفة أين يكمن الخلل المجتمعي وكيف يمكن مواجهته..
من الصعب القول أن خطاب العنصرية السائد سيزول بزول المؤثر (سقوط سلطة الانقلاب) الأمر ليس بهذه السهولة، فهو خطاب يستدعي ويستند على إرث العبودية والاضطهاد الاثني، وستواجه مرحلة الانتقال القادمة معضلة أكبر من تلك التي واجهتها الفترة الانتقالية المنتهية بفعل الانقلاب البغيض، وعلى ذلك لا يمكن الطرق على ما هو سياسي دون التفكير في ما هو اجتماعي وثقافي، فإذا كانت التحديات كبيرة عقب انتصار الثورة وتكوين الحكومة المدنية، فأن ما هو ماثل من تحديات أكبر خاصة وأن الإرادة السياسية ما زالت مفككة والرؤيا غير واضحة بما يكفي لمواجهة كل المعضلات الحالية والمتوقعة.