خارج السياق | مديحة عبدالله تكتب: تحديات الصحافة السودانية

0

متابعات/ الرائد نت

أعلن ناشرو عدد من الصحف اليومية عن زيادة في سعر النسخة، لتبلغ 230 جنيهًا بدلًا عن 180 جنيها.. وتلك زيادة كبيرة سيكون لها أثرها السالب على مبيعات الصحف وتراجع تأثيرها من الناحية الإعلامية والسياسية، رغم أنها جاءت لظروف اقتصادية معلومة ظلت الصحافة السودانية تواجهها طيلة العهد البائد وبُذلت جهود لتذليلها إبَّان الفترة الانتقالية، توقفت عقب الانقلاب العسكري اللعين..
أمر الصحافة واستمرارها رهين بجملة عوامل أولها توفر المناخ الديمقراطي الذي يتيح حرية التعبير والتنظيم وهو بمثابة العمود الفقري لكل الحريات المدنية، وهو عامل لا يتيح للصحافة أن تدافع وتحمي الحريات العامة فقط، بل حمايتها نفسها كمؤسسة مدنية من تغول السلطات، والضغوط الاقتصادية عبر الإعلانات الذي تستغله الحكومة الدكتاتورية كأداة لإخضاع الصحف المعارضة، وحاليًا أغلقت العديد من الصحف أبوابها عقب انقلاب 25 أكتوبر، ومن المتوقع أن تعجز العديد من الصحف عن القدرة على الاستمرار نتيجة القهر السياسي والتدهور الاقتصادي البائن في ارتفاع تكلفة إنتاج الصحف وتراجع التوزيع وقلة الإعلانات، مما يعرض المزيد من الصحفيين/ت للتشريد وضياع الحقوق، وكذا العاملين والعاملات في قطاع الإنتاج المرتبط بصناعة الصحافة.
ومع كل تلك التحديات، فإن الصحفيين/ت عليهم واجب القيام بوقفة مع النفس، لمراجعة كل أسباب التدهور الذاتي كما الموضوعي، فالصحافة لم يتراجع دورها لأسباب موضوعية فقط بل هناك ما هو ذاتي يتصل بالأداء الصحفي المهني، وقيمة وتأثير ما نقدمه كصحفيين للمجتمع من عمل إعلامي ولأي مدى استطاع أن يعزز قيم الدولة المدني، ولأي مدىً قامت الصحافة بالالتزام بمواثيق الشرف الصحفية التي تلزمها أن تقوم بدور مجتمعي يناهض خطاب الكراهية والعنصرية، وتعزيز الثقة والتماسك بين مكونات المجتمع المتنوعة والمتعددة.
إن المراجعة ضرورية، فالمحتوى الصحفي قد تفرض الظروف أن يكون عبر التقنية الإلكترونية عوضًا عن الورق، إلا أن العمل الصحفي يظل كما هو، يقوم به الصحفيون، مع الالتزام الكامل بشروط المهنية والموضوعية وليس الحياد، والقيام بالدور المطلوب حتى يخرج الوطن من أزماته المتفاقمة، ومناهضة خطاب الكراهية والعنصرية وحماية حقوق الصحفيين/ت، بالإسراع لتكوين نقابة الصحفيين المستقلة.

اترك رد