سهير عبد الرحيم تكتب: ضوء آخر النفق
متابعات/ الرائد نت
قبل حوالي شهر كنت أرتدي الزي الكامل الذي يرتديه الأطباء داخل غرفة العمليات ، و أقف داخل غرفة العمليات بمستشفى السودان للقلب بحي أركويت بالخرطوم لأشاهد و أتابع من داخل الغرفة عملية قلب مفتوح لطفلة لم تكمل العشر سنوات بعد .
رهبة الغرفة و المعدات و الأجهزة و طاقم العملية من استشاريين و مساعدين و مخدرين و ممرضين كان يبث لديّ إحساساً كبيراً بالراحة و الرضا رغم الصدر المفتوح أمامي و الذي يكاد القلب يقفز خارجاً وهو ينبض من سويدائه .
منبع فرحتي لم يكن فقط فخري الكبير ببراعة النطاسين في الغرفة ولا الاجهزة الطبية الحديثة و المتطورة والتي شعرت بسعادة غامرة لتوفرها في السودان ، ولكن سر فرحتي و سعادتي كان أن العملية مجانية .
نعم والله …. عمليات قلب مفتوح تجرى في مستشفى القلب و مستشفى أحمد قاسم و مستشفى ود مدني للأطفال مجاناً ، ودون أن يدفع الطفل جنيهاً واحداً .
كل ما في الأمر أن تقوم أسرة الطفل بالمتابعة بملف الطفل و يتم تشخيص و تحديد حالته و مدى حوجته للعملية والتوقيت المناسب .
العمليات تستهدف بالدرجة الأولى الفقراء و المحتاجين و محدودي الدخل والذين لا قبل لهم بالرسوم الباهظة أو تحمل كلفة السفر خارجاً .
تابعت تصوير جزء من العملية سأنشره لكم مع مقالي هذا لتشاهدوا بأعينكم كيف أنه و وسط هذا الجو الخانق من الإحباط و التراشق السياسي و معركة البحث عن كرسي ، و مدنية و عسكرية كيف وسط هذا الظلام هنالك ضوء حقيقي هنا في مستشفى القلب .
أبرز إعجاز في عمليات القلب حين يتم شق الصدر من المنتصف و توقيف القلب ثم توصيل الدورة الدموية بماكينة القلب و الرئة الصناعية
عمل جليل وكبير و عمليات ناجحة تجعل القلب يضخ الدماء في الجسم دون كبير عناء ودون انسداد شرايين تاجية أو عطب في الصمامات أو ثقب هنا و هناك أو عيوب خلقية أو تمدد للشريان الاورطي أو الرجفان الأذيني و تضخم القلب .
خلال جولتي في مستشفى القلب لفت نظري أمرين هامين الأول النظافة الواضحة و البينة والثاني الحدائق الخارجية المنسقة و المزهرة ، أتمنى من إدارة المستشفى أن تحفز عمال النظافة و عمال الحديقة الذين يشذبونها بكل فن و جمال ، أنها صورة بهية تستحق الإشادة و التقدير .
قبيل مغادرتي المستشفى طفت بصحبة الدكتور فضل الله النور منسق جراحة القلب على غرف العناية المكثفة و على غرف الأطفال الخاصة والذين تماثلوا للشفاء و في طريقهم للعودة إلى منازلهم ليعيشوا حياتهم مثل الأطفال الآخرين ، يستطيعون اللعب و الركض في الأرجاء ، جلست بالقرب من مئاب طفلة في الثامنة من عمرها كانت برفقة والدتها وهي تضحك بكل عافية و صحة لا يكدر صفوها ضمادة مازالت تغطي صدرها
أكثر ما أثار انتباهي أن غرف العناية المكثفة زينت حوائطها برسومات للأطفال و الفراشات و الحيوانات المحببة لهم ، للحظة أعتقدت أني خارج السودان .
ماينبغي قوله أنه يقف خلف هذا العمل المميز مجموعة من الجنود المجهولون منهم د/ صلاح الباشا استشاري الباطنية و مدير المركز القومي لأمراض و جراحة القلب و د/ عبد المنعم آدم أبكر استشاري جراحة قلب الأطفال و د/ محمد الصديق استشاري العناية المكثفة و مقدم (ط ) نهلة نور الدائم استشاري طب الطوارئ ورائد صيدلي مضوي محمد أحمد .
أما الرجل المختلف والذي تسبقه بصمته لكل مكان يضع أقدامه عليه فهو الطبيب الذي لا يتثاءب أبداً لواء (ط) عزمي الشيخ عبدالغني استشاري الباطنية و العناية المكثفة و المدير العام لمركز السودان للقلب .
خارج السور :
أخبروا الفقراء و المساكين في حيكم و بين أهلكم في قريتكم و في الضواحي الفقيرة أن عمليات القلب المفتوح للأطفال مجانية ….ساهموا في استعادة القلوب لعافيتها.