من أعلى المنصة | ياسر الفادني يكتب: جيت أقول مبروك عليك
الخرطوم/ الرائد نت
يروى والله أعلم….. أن الفنان زيدان إبراهيم كان يحب الطعمية كثيرا وله (ست طعمية) يشتري منها بصورة يومية ، ذات مرة جاء زيدان لست الطعمية وقال لها : أريد حصتي اليومية من الطعمية ، قالت له : أتى الفنان الأمين عبد الغفار وأخذ كل ما صنعته من طعمية اليوم ، قال زيدان بغضب : الأمين عبد الغفار يشيل الريد ويشيل ودو ويشيل نفحات عبير وردو و يشيل طعميتي برضوا ؟! فردت عليه ست الطعمية قائلة له : إنت….ماشلت الجراح الإبتسامة وكل حرمان اليتامي في زول سالك؟ فضحك زيدان من فصاحتها ونباهتها وقال لها : إنتي ست طعمية ولا إسحاق الحلنقي ! التحية للشاعر المبدع الحلنقي
في الليلة ديك لاهان على
أرضي واسامحك ولاهان ….اعتب عليك ، أول بيت لقصيدة وضع عنوانها وهو ( في الليلة ديك) وكتب مفرادتها الشاعر بابكر الطاهر ، الشاعر بابكر الطاهر لم يكتب قصيدة غنائية غير هذه القصيدة ، تتميز هذه القصيدة بالنبض الشعري الراقي ، يتميز هذا الشاعر بتصويره لصيرورة الإبداع الشعري المفعم ببدائع البلاغة وخاصة التشبيه والإستعارات المختلفة مثل :
شلت الجراح الإبتسامة
وكل حرمان اليتامي
هنا جسد المحسوس العاطفي وصار ملموس شكلا ! كأن الجراح والإبتسامة شيئان يُحملان على سبيل الاستعارة المكنية وجسد حالة الحرمان العاطفي الذي عايشه كأنه يعيشه معه كل الناس هذا الأسلوب يسمي في النقد الادبي الحديث مدرسة القمر المنصوب الذي يضع فيه الكاتب تردده النبضي وتصل إشارته لكل الناس بسهولة ويسر ، شاعرنا انتهج مذهب التعبير عن الواقع الذي يعيشه في ترجمة آنية وعميقة في نبض شعري صادق تجلت فيه فرحه الحزين بسعادة من يحب ووضع نفسه في خانة الذي يذبح نفسه بسكين (ميتة).! وبدمع لم يخرج من عينيه ظل حبيسا بين قضبان الجفون !
،جيت اهنيك واصافحك جيت اقول مبروك عليك
ومديت يميني بلا كلام ماقدرت قدامك اقيف
ورجعت حابس ادمعي في الليلة ديك
الشاعر المبدع بابكر الطاهر في وحيدته الغنائية هذه أبرز أن له إمكانيات إبداعية ضخمة لوكتب أغاني أخري لظهرت هذه الخامة الإبداعية العجيبة والشكل اللفظي المليء بالعاطفة النبيلة والإحساس الصادق وبعض من وفاء لمن يعشق لكن لم يكتب الله له النصيب ، لعب بنرد الألفاظ لعبا جميلا وكسب اعدادا كبيرة وخانات في الجمال والتراكيب البلاغية الممتعه والجذابة…
في الليلة ديك والناس تشارك فرحتك
حسيت بأني غريب هناك وغريبة انتي في دنيتك حسيت معاني الفرقة حسيت بالوجود ماخد سواد من حنتك
كاتب هذه القصيدة كرر حالة دموعه مرتان ليعبر عن مقدار ألمه وحرمانه وليجذب عاطفة المستمع وأظهر إيماءات وإشارات عجيبة لتجسيد الوضع النفسي الذي بالغ في سرده لدرجة الإبداع المتميز
شفت الدموع خلف الرموش مكبوته بي حسرة وضياع
ورعشة الكف الخضيب مقرونة بي نظرة وداع
جابو القدر في سكتك …
وضع البصمات اللحنية الموسيقية لهذه الأغنية المبدع المتفرد عمر الشاعر الذي أثري الساحة الفنية بعدد وافر من الأغنيات الراقية والخالدة والملحن عمر الشاعر ارتبط فنيا بالفنان زيدان إبراهيم ولحن له عددا من الأغاني ، طريقة عمر الشاعر في التلحين هو أنه يطوع النغمة لتنسجم مع المفردة وتتسق مع الإحساس العاطفي ، مثلا عندما غني زيدان إبراهيم مقطع مقرونة بي نظرة وداع…. زاد الوصلة الصوتية لتاخد طابع الحزن التطرييي العجيب ..
كان اختيار شاعر هذه القصيدة ليغنيها زيدان إبراهيم اختيارا موفقا ، زيدان بصوته الشجي ابرز فيها نبرات من حزن دفاق ، ولعل زيدان هو أيضا له خبرة في مجال التلحين لحن لنفسه أغاني كثيرة …
في الليلة ديك اغنية اجتمع فيها النبض الشعري الصادق الآخاذ ، واجتمع فيها اللحن المموسق ، واكتمل هذا العقد ألمنضوم بلؤلؤة الصوت الجميل هؤلاء الثلاثة المبدعون من فارقنا منهم يظل خالدا فينا ومن هو على قيد الحياة نسأل الله أن يمدد في عمره .