وصية عقيد ركن لابنه وهو على وشك الدخول للكلية الحربية.

0

الخرطوم/ الرائد نت

وصية ضابط الدفعة٤٣ كلية حربية لابنه
ادناه وصية العقيد الركن صديق البقاري الدفعة ٤٣ لابنه أحمد وهو على وشك الدخول للكلية الحربية..

إبني الغالى
و أنت تشد الرحال إلى مصنع الرجال و عرين الابطال و قلعة النضال هذا الدرب الذي سلكته قبلك منذ ما يقارب الثلاثة عقود عن رغبة تامة و اختيار كما تفعل أنت اليوم فأحفظ عني ما سأقول لك فهو نتاج خبرة استمرت زهاء الثلاثون عاماً كانت مليئة بالغرض فرحه و ترحه.

إن المؤسسة العسكرية يا بني هي قلعة النشامى و الرجال فلا مكان لأشباه الرجال فيها و مهما قيل لك عنها لن تدرك كنهها حتى تسبر أغوارها. فهي الحامي و المؤتمن و إن تقّول فيها أصحاب الأغراض و الحاقدون الذين يقلق مضاجعهم وحدتها و تماسكها اللذان بهما ينعم البلد.

أعلم أنها ليست بالمحطة السهلة فإعداد الرجال للمهام الجسام دونه خرت القتاد و دونه يسيل العرق تعباً و رهقاً في السلم ليوفر الدماء في الحرب.

وأعلم أنه بدخولك هذا المعترك أصبحت حق عام فهذا المكان هو بوتقة انصهار كل أبناء السودان لا قبلية فيه و لا جهوية و إنما الرابط هو السودان و الهدف هو هذه الأرض و إنسانها و إياك و التحزب فإنه مفسد لهذه المؤسسة و نكوص عن قوميتها فأنت ملك الجميع فحذاري أن تغمس سبابتك في محابر السياسيين.

وأعلم أنك تعد لتكون قائدا و القائد رائد و الرائد لا يكذب أهله و كن لمرؤوسيك القدوة في كل شئ حسن تكسب إحترامهم و تجدهم يبذلون الغالي و النفيس من أجلك و لن يعصوا لك أمراً.
و أعلم أن السلطة التي خوّلت لك إنما خوّلت لك لأجل أغراض عامة نبيلة فلا تجعلها لأجل أغراض خاصة حقيرة فبعض النفوس عندما تجد السلطة تعمي و تتكبر و تتجبر بغير حق فألجم نفسك بلجام الأخلاق الحسنة فأنت خرجت من بيت ابيك كبياض الثلج فطرة فلم نربك إلا على حسن الأخلاق و كنت نعم الابن الذي لم تبهره فورة الشباب و عنفوانها إياك و المؤثرات بأنواعها تبغا و تنباكا فهي خصم علي صحتك و مظهرك فالزم ما خرجت به منّا.
وعلم أن الإثم ما حاك في النفس و خشيت أن يطّلع عليه الناس و أنّ الحلال بيّن و الحرام بيّن و بينهما أمور مشتبهات فمن اتقي الشبهات فقد استبرأ لدينه و ما أكثر الشبهات في هذا الزمان و ما أسهل الحرام لكن اعلم إنا لم نربك بشئ فيه شبهة فإنا نصبر على كل شيء إلا النار فجنبنا إيها بتجنبك الحرام و إدخاله علينا.
أي بنيّ إن الأعمال بيد الله لا تقديم فيها و لا تأخير فكن على قناعة تامة على أن ما أصابك ما كان ليخطئك و ما أخطأك ما كان ليصيبك و إن شئت فأقرأ قول الحق جلّ و علا (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).
يا بني أنه إن مدّ الله في الآجال فأعلم أنك ستقود رجالاً أكبر منك سنا و خدمة فكن لهم نعم القائد تجدهم نعم الجند و إياك و حقوقهم فإن القائد الذي يستبيح حقوق جنوده غير جدير بأن يطاع و إذا لم يطاع القائد فشلت الخطط و إذا فشلت الخطط انهارت الجيوش و إذا انهارت الجيوش فأقم على الأوطان مأتما و عويلا.

و عندما يحمي الوطيس كن حيث يجب أن يكون القائد و في المكان الذي يجب أن يكون فيه فكن في المغرم اولا و في المغنم أخرا و تحدث لجندك و انت مرفوع الرأس و ناظرٌ في أعينهم فأنت قائد و القائد لا ينظر في الأرض بل يتطلع للأمام و امشى بينهم بثبات و ثقة بالمشية التي يحبها الله في تلك المواضع و إياك أن تمشيها بينهم في السلم.

وسلح نفسك بالعلم والمعرفة و طور نفسك في مجالك و في جانب الثقافة العامة فالقائد وعاء جامع لأنه سيقود الأمي و المتعلم فخاطب كل بلغته و قديما قيل البليغ من خاطب القوم بلغتهم.
و آخر قولي اجعل لنفسك وردا يوميا من الاذكار صباحا و مساء يحفظك من كل هامة و لامة و سامة و اعلم أن كل أمر جلل لا يتم إلا بالصبر عليه فأجعل حبل صبرك يبتدي حيث ينتهي حبل صبر الاخرين

بسم الله مجراها و مرساها

اترك رد