الحزب الشيوعي السوداني يبعث برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة
الخرطوم/ الرائد نت
الأمين العام للأمم المتحدة
تحية طيبة؛
رحب شعبنا بالموقف الواضح للقوى الدولية والاقليمية والتي عبر عنها ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ومجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بإدانة الانقلاب العسكري الذي نفذه جنرالات اللجنة الأمنية التابعة لنظام البشير.. وأكدت مطالبته باستعادة كافة الحقوق السياسية والسير في طريق التحول الديمقراطي وعدم الاعتراف بسلطة الانقلاب. مساندتكم لنضال شعبنا في الحرية والسلام والعدالة يمثل موقفاً ايجابياً نشيد به ونقدره.
رحبنا بهذا الموقف الإيجابي خاصةً حول استعادة الحكم المدني الديمقراطي باعتباره موقفاً يستند على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب.
وللأسف الشديد تغير هذا الموقف الإيجابي المعلن من جانبكم عقب توقيع قائد الانقلاب للإتفاق السياسي مع السيد عبد الله حمدوك وهو اتفاق لا يستند إلى الدستور أو أي قانون آخر.
لقد ارتكبتم خطأً فادحاً في حق شعب السودان بتأييدكم لفكرة العودة للوثيقة الدستورية المرفوضة من الجماهير خاصة بعد أن مزقها اطرافها وداسوا عليها بأقدامهم. الوثيقة الدستورية بشكلها الحالي تعتبر جزءاً أساسياً من الأزمة السياسية الراهنة، لأنها تقنن لسلطة سياسية تسيطر عليها اللجنة الأمنية للنظام المباد.
قدم شعبنا خيرة بناته وابنائه في سبيل انهاء النظام الدكتاتوري بقيادة عمر البشير وذلك من أجل التحول الديمقراطي وإقامة السلطة المدنية الكاملة .
تتحمل الجهات التي استولت على السلطة خاصة أعضاء اللجنة الأمنية وأعوانهم من شركاء الفترة الانتقالية مسؤولية افشال مهام الفترة المذكورة وكذلك اجهاض كل الجهود التي كانت ترمي للتحول الديمقراطي السلس. تتحمل أيضاً القوى السياسية التي تسلمت كراسي الحكم باسم الثوار نتائج السياسات المقصودة والمدبرة سلفاً وبتنسيق تام مع المكون العسكري مسؤولية قطع الطريق أمام مطالب الجماهير المشروعة التي قامت الثورة من أجلها.
لا سبيل أمام شعبنا وقواه الحية سوى سد كل المنافذ والثغرات في وجه هذا المخطط المعادي لمطالب الثوار سوى العمل على هزيمة واسقاط سلطة الانقلاب الحالية.
يتضح خطأ موقفكم وتقديراتكم في تأييد اتفاق 21 نوفمبر 2021 خاصةً بعد إعلان السلطة الانقلابية عن تدابير واجراءات قانونية مخالفة لكل مبادئ القانون الدولي والمواثيق والعهود الدولية المختلفة وعلى رأسها اعلان حالة الطوارئ في كل انحاء البلاد وإعادة السلطات الواسعة لأجهزة القمع وإعطائها الحصانات المطلقة عند ارتكاب الجرائم. هذه التدابير تشكل الآن عائقاً حقيقياً في تطبيق العدالة وتطبيق مبدأ المساءلة والعقاب في مواجهة المتورطين في ارتكاب جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب. هذه الاجراءات شجعت الأجهزة الأمنية على استخدام العنف المفرط الذي أدى ولايزال يؤدي إلى قتل العشرات من المتظاهرين السلميين في مدن السودان المختلفة كما شجعت هذه القوات على ارتكاب جرائم نهب الممتلكات العامة والخاصة كما حدث في مدينة الفاشر التي شهدت نهب مقر قوات اليوناميد ومخازن برنامج الغذاء العالمي. كما درجوا على نهب ممتلكات المتظاهرين تحت تهديد السلاح واسخدام الإغتصاب كأداة حرب ضد الخصوم السياسيين والمتظاهرين السلميين.
اصبح موقف شعبنا الرافض لانقلاب 25 اكتوبر أمر لا يمكن تجاوزه وتقف المليونيات المتواصلة في كل أنحاء البلاد دليلاً ساطعاً على اصرار الثوار على فرض ارادتهم المتمثلة في هزيمة الانقلاب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي على الرغم من العنف الوحشي المتمثل في استخدام الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع من قبل سلطة الانقلاب.
كان شعبنا يأمل أن تصدر من جانبكم اشارات واضحة تعترف بفشل اتفاقية “سلام جوبا” حيث لايزال الوضع في دارفور يشهد تدهوراً مريعاً بسبب استمرار الحرب من قبل المليشيات القبلية ضد السكان العزل وذلك بمساندة القوات الحكومية وقوات الدعم السريع.
الهجمات ضد السكان الأبرياء أوقعت الآلاف من بين سكان القرى ومعسكرات النازحين كما اجبرت مئات الآلاف من السكان على النزوح قسراً من مناطقهم الأصلية إلى المعسكرات داخل وخارج البلاد بعد أن تعرضت مجتمعاتهم للتدمير الكامل. كل ذلك يتم تحت سمع وبصر ومباركة السلطة الانقلابية وتحت سمع وبصر مؤسسات المجتمع الدولي ومؤسسات الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وروسيا والصين ومجلس الأمن الدولي.
لكل ما تقدم نرجو أن تعيدوا النظر في مواقفكم حيال الوضع في السودان بغرض حماية المدنيين العزل من بطش السلطة الدكتاتورية وأن تعلنوا بوضوح ادانتكم للسلطة الحالية التي تواصل في خرق القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة خاصةً المتعلقة بحقوق الانسان. واتخاذ الاجراءات الضرورية لتقديم المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني إلى المحكمة الجنائية الدولية بإعتبارها المحكمة ذات الاختصاص في ظل انعدام الاختصاص للمحاكم الوطنية بسبب الأوامر الأخيرة التي صدرت من قيادة سلطة الانقلاب بخصوص إعلان الطوارئ وإعادة صلاحيات وحصانات أجهزة.
يصر شعبنا على عدم الشراكة مع السلطة العسكرية الحالية كما يصر على عدم اعتماد الوثيقة الدستورية كأساس قانوني لمعالجة الوضع السياسي المتأزم في البلاد. نرجو ونأمل أن تجد خيارات الشعب السوداني التقدير والإعتبار والإحترام من جانبكم.
ولكم الشكر