بعد الغروب| بدر الدين حسين علي يكتب: للسبت ترويح…

0

الخرطوم الرائد نت

سيدي لم تكن شخصيتك الطاغية هي ما اجبرني على الاعجاب بك، فانا لست من اولئك النفر الذين تبهرهم القشور.
ما شدني اليك هي تلك اللغة التي تتحدث بها فتنساب في الداخل لانها تخاطب الذات، فضلا عن ان حديثك دائما ما يحمل فكرة.
وانا من اولئك الذين تاثرهم الافكار، ولا يملون حديث المفكرين، ولانك احد هؤلاء فقد كنت اجعل لنفسي نصيبا كلما علمت انك متحدثا في مكان ما.
كنت سيدي اشعر بانك بحر من العلم يتدفق دون انقطاع، متواضع لدرجة جعلتني اتعلق بك اكثر فاكثر.
وكنت حريصا على حضور جلسات الصلح التي تقيمها بين الناس، فقد كانت الحكمة سيدة الموقف دائما، فقد كنت تصل بالمتخاصمين الي مرحلة ان يصابا بالخجل مما هما فيه.
ولا انسي سيدي ذلك الشخص الذي حاول مهاجمتك امام جمع من الناس بكلمات مستفزة، حتي انها اغضبت من كانوا حولك، وخرج البعض عن طوره فاراد ضرب الرجل.
فعمدت الي تهدئة النفوس، ثم اجلست الرجل الي جوارك كانما تقول للحاضرين انه في جواري فلا شان لكم به.
ثم بدات فك خيوط حديثه خيطا خيطا إلى ان اجهش بالبكاء، فلم تدعه وتنصرف منتصرا انما احتضنته ومسحت على راسه حتى هدأ وانصرف صديقا لك بعد اذ جاءك عدوا.
كنت افكر من اين لك بكل هذا العلم الغزير المتجدد، وكيف اوتيت كل هذا الصبر وسماحة النفس وكل هذه البشاشة.
كنت اشعر بان الدنيا تزحف نحوك الا انك تهرب منها، لقد ظننت ظنا اسال الله ان يغفره لي وان تعفو انت عني فيه، فقد ظننت انك تدعي الترفع عن ماديات الحياة.
ولكن معاشرتي لك بعد ذلك اثبتت لي اني كنت اظلمك، بل اصبحت الي يومي هذا لا استطع رفع بصري لانظر لوجهك.
وانت كل يوم يمر علينا تسقينا من العلم ما يفتح بصائرنا وينير قلوبنا وتتبدل نظرتنا للاشياء.
سيدي كم كنت اظلمك علي جهل مني، واعلم انك متسامح ولا تحمل غبنا ضد احد، غير اني اشكوي ظلمات نفسي التي جعلتك موضع شك في يوم ما.
فساعدني علي التحرر من هذه الظلامات، واجعل اولها عفوك عني، فقد ظلمتك وانت لا تعلم، ونافقتك بعدها وانا اعلم، وبعد أن تبين لي الحق ابلجا فاني اكتب اليك ارجو الصفح الجميل، فهلا فعلت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.