محمد إدريس يكتب: سياسات بنك السودان.. كيفية التنفيذ
الخرطوم الرائد نت
كوقع الحافر على مقولة أينشتاين الخالدة :(الغباء هو فعل نفس الشئ مرات وبنفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة)،ومع بدايةكل عام يعلن بنك السودان المركزي عن سياسات جديدة،وفي الواقع هي سياسات قديمة متجددةمع إختلاف طفيف في التواريخ والعناوين .. سياسات بنفس الخطوات دون تحديد آليات واضحة للتنفيذ الناجز والرقابة الصارمة،ثم ننتظر نتائج مبهرةومدهشة من تلك السياسات المكررة ..!
والأكثر ادهاشا أن جميع تلك السياسات تتفق على تحقيق الإستقرار النقدي والمساهمة في الإستقرار المالي، والشمول المالي بتطبيق سياسة سعر الصرف المرن والمدار وفي إطار الجهود المبذولة لاستقرار سعر صرف الجنيه السوداني، طبعاً دائما ما تعنون تلك الموجهات إلى المعنيين بالأمر، مدراء المصارف وشركات الصرافة وشركات التمويل الأصغر ومدراء المؤسسات المالية،والمدهش أن الأعوام تنصرم وتتفاقم الإشكالات المالية والنقدية،ويبدأ عام آخر تبدأ معه دورة أخرى لذات سياسات ساقية جحا.. وهكذا دون أن يسأل أحدا ما الطائل من السياسات اذاكانت من أجل أعلنا وقلنا وصرحنا ..!
وفي العام الماضي مثلا سادت أجواء إيجابية مع رفع البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب،هل دخلت مصارفنا فورمة النظام العالمي للمصارف وهل هي اساسا جاهزة لهكذا خطوة،وهل استفدنا من تلك الأجواء في إحداث تدفقات استثمارية وتنمية القطاعات الإنتاجية لادماج الاقتصاد السوداني في الإقتصاد العالمي،أم فقط كل الذي فلحنا فيه التسول في المؤتمرات بحثا عن منح وقروض تعطل اقتصادنا في المستقبل..!!
والحال كذلك، إذن كيف سنواجه تحديات الاقتصاد السوداني المتمثلة في العجز الدائم في الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات ومعدلات التضخم الجامح وتدهور سعر الصرف والركود الإقتصادي، وتأثيرات عدم الاستقرار السياسي إغلاق الموانئ(الحرمان من عائدات الصادر) واستمرار الاحتجاجات حتى الآن لثلاث أشهر والمصحوبة بقرارات التعيينات والاحالات في البنوك والمؤسسات الاقتصادية..!!
نافلة القول السياسات بلا تنفيذ صارم ورقابة دقيقة، مجرد حبر على ورق وعبارات رنانة،مثلا اذاكان من أهداف تلك السياسات بناء احتياطيات رسمية من النقد الأجنبي والدهب.. كيف السبيل إلى ذلك مع الحديث المتكرر للخبراء بأن الحكومة لاتمتلك النقد الأجنبي مع تدهور حركة الصادر واتساع رقعة التهريب للذهب، حتى في موضوع جذب مدخرات وتحويلات السودانيين العاملين بالخارج لم تكن الحوافز كافية فضلاً عن العراقيل الموضوعة أمام الصرافات وضعف أرقام مزادات الدولار في مقابل الطلب المتزايد..!!
آخيرا وان كانت الخطوات متأخرة فهي ضرورية تلك التي تتحدث عن رفع رؤوس أموال المصارف وتحجيم وتقليص المركزي من تمويل الحكومة وتحجيم الحكومة في المصارف بانهاء رساميلها وتعزيز دور القطاع الخاص، وهي خطوةو ان تأخرت كثيراً فإنها ضرورية، حيث كان يجب أن تكتفي الحكومة بدورها الرقابي وان لاتدخل مساهمة في عدد من البنوك المتعسرة والمفلسة حيث ترفض المصارف العالمية التعامل معها، وختاما في أن السياسات النقدية يجب أن تتسق مع السياسات المالية وأن يكون هنالك انسجام بين بنك السودان ووزارة المالية فهما الجناحان اللذان يحلق بهما الاقتصاد..!!