سهير عبدالرحيم تكتب: كوزة مندسة
متابعات/ الرائد نت
في العام ٢٠١٩ قبيل سقوط النظام البائد تم اعتقال الزميلة و الصديقة العزيزة الصحفية لينا يعقوب على خلفية انفرادها بنشر خبر بموقع باج نيوز الذي ترأس تحريره. كان مفاده سفر مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق صلاح قوش إلى روسيا .
لينا التي انفردت بالخبر كعادتها ظلت في قبضة الجهاز حتى ما بعد منتصف الليل ، تم تفتيش هاتفها وجهاز الكمبيوتر الشخصي ، و ظلت لمدة يومين تذهب للمبيت في بيتها خوفاً على والدتها المريضة خالتي بثينة ، ثم تعود صباحاً للتحقيق معها مجدداً .
اعتقال لينا ذاك لم يكن الأول ولن يكون الأخير سبقته اعتقالات كثيرة و إستدعاءات أكثر ، وفي كل مرة كانت لينا تخرج أكثر اصراراً على البحث عن الحقيقة.
كثيرون لا يعرفون تلك الوقائع لأن لينا لم تخرج يوماً وتصرح وتصنع لنفسها بطولة كما يفعل الكثير من الواهمون في تلك الأيام ، ظلت تقاوم بشجاعة و ثبات في التحقيق وترفض الافصاح عن مصادرها .
هذه لينا يعقوب التي نعرف زاملناها طيلة ثماني سنوات وعملنا سوياً في صحيفة السوداني و تشاركنا السكن والأكل والشرب والضحكة في رحلة خارج أرض الوطن خلال دورة تدريبية.
لينا يعقوب، صحفية من طراز فريد ولاءها كبير لمهنتها و طموحها يتجاوز محطة أن تكون مراسلة لمكتب فضائية أو مديرة لذلك المكتب، تعشق الأخبار و ترنو للسبق الصحفي، قوية مهذبة خلوقة متزنة جميلة من الداخل قبل الخارج ، نفسها مليئة بالتسامح و السلام الداخلي و حب الخير لزملاءها .
عصمها الله من الحقد والحسد المنتشر في الوسط الصحفي ، وأزال من قلبها المكائد و الدسائس و حب الأذى الذي صار وصفة الوصول والمكاسب للنفوس المريضة .
هاتفتها عقب طردها من اعتصام القصر الأخير للتخفيف عنها فوجدتها قوية كما عهدتها تسخر من ترهات الاوهام التي تصور الجميع كيزان في بلدالفوضى و خوار العزيمة .
يوم أمس و مواصلة لسيناريوهات التصنيف البائسة تتعرض لينا لإمتحان أكثر قسوة على أيدي القوات الأمنية هذه المرة في ظاهرة غريبة و شاذة من اقتحام لمكتب إعلامي و ماصاحبه من أذى للزملاء نزار البقداوي و شهدي ومجاهد و جهاد و سارة وغيرهم .
و تخرج لينا مجدداً من التجربة كماتخرج من تجارب قبلها أكثر يقيناً و أمضى حساماً و أنصع بياناً و أعتق تجربةً و وعياً و حماساً و حباً لمهنة الصحافة والبحث عن الحقيقة و نشر الأخبار مجردةً دون مساحيق أو منكهات .
عزيزتي لينا، لن يرضى عنك العسكر ولا المتظاهرون فالجميع يرغبون في سماع صوتهم فقط و الجميع يرغبون أن نصفق لهم ، ولكنهم لا يعلمون أن مهمتنا ليست التصفيق والهتاف و استلام المظاريف والتخابر مع السفارات والولاءات الحزبية الضيقة ، مهمتنا إزالة ورق التوت عن عوراتهم جميعاً و كشف مخازيهم ….فالقضية لدينا اسمها السودان أولاً .
إن ما تعرضت له لينا و ماتعرض له أيضاً إبراهيم الشيخ و خالد سلك مرفوض جملةً و تفصيلاً، كما أن مايتعرض له المتظاهرين من قتل و قمع وضرب مشين وقميء…!!
نحن نتفهم أن هنالك قنص من داخل المواكب موثق و واضح ولكن لا اعتقد أن الشهيد الذي سقط يوم أمس كما نشر جراء إصابة من دوشكا كانت ايضاً من داخل التظاهرات ، هل يحمل المتظاهرون دوشكات …؟؟
لن يستقيم حال الوطن طالما الجميع يحملون أعواد الثقاب و دفاتر الكراهية ليقرروا من يحرقون ولمن يوزعون عباءة التخوين و من يمنحون صكوك الغفران .