حـسيـن خـوجـلي يكـتب: رسـالة عـاجـلة للنـائب العـام

0

متابعات/ الرائد نت

الأخ خليفة أحمد خليفة النائب العام غمر المجتمع القانوني والعدلي، بل والرأي العام كثير من الإرتياح حينما تم تعيينك في هذا المنصب المهم والخطير ، وقد تضوع عطر سيرتك وسط الناس باستقلالية مشهودة واجتهاد واعتدال. فقد عرفت وسط زملاء المهنة بأنك لا تخشى في الحق لومة لائم وهذا ما حفزني، بل وحرضني على كتابة وإلقاء هذه البرقية في بريدك الشخصي والعام.
فقد تعرضت شخصياً للاعتقال منذ الثانويات في عهد سلطة مايو مروراً بكل الحكومات حتى الحكومة الحالية، مما أغراني بكتاب موسوم بمذكرات (معتقل سياسي في كل الأنظمة) وكل اعتقالٍ تعرضت له أو تعرض له صاحب رأي أو قلم أو فكر أو اتجاه سياسي تم عبر حزمة من القوانين سيئة الصيت والصياغة، صنعت خصيصاً لتصفية الحسابات مع الخصوم.
ومن ألاعيب سماسرة قوانين الجرائم الموجهة ضد الدولة حشر عقوبة الإعدام التي تخوّل للطغاة المستبدين من أجهزة وشخوص، اعتقال خصمهم وعقابه بالتجديدات المزيفة والعقاب الإداري الذي يصل لسنوات دون تقديم المتهم المسكين للمحاكمة، وعندما ينالون وطرهم من التشفي الشخصي أو الحزبي يطلقون سراحه الذي يستمر لأيام أو لشهور أو حتى لسنوات حسب الحظوظ والضغوط والمزاج. وغالباً ما يتحول هذا المسكين القابع وراء جدران النسيان إلى مجرد فايل يرقد في رف سكرتيرة غير مبالية أو أضابير لقسم الأرشيف الذي يمثل (صحن البوش) عندهم قيمة أهم من قيمة الإنسان.
وفي كل القضايا التي تعرضت لها لم أقدم لمحاكمةٍ قط، فقد تم عقابي بالتمديد والتجديد، ولما قضوا وطر النفس الأمارة بالسوء أطلقوا سراحنا غير مأسوفٍ علينا.

ومما يحزنني بل يحزن الملايين أن عهداً يرفع شعار الحرية والسلام والعدالة يعتقل الآن العشرات من الأبرياء المتهمين زوراً، وقد تجاوزت فترة اعتقالهم الثلاث سنوات دون أن يقدم أغلبهم لتحقيقٍ أو محاكمة عادلة أو ظالمة. وقد تحولوا بفعل التجاهل الحكومي البيروقراطي إلى مجرد أرقام في قائمة المظالم وسجلات المجهول..!!

أخي النائب العام يمر هذا الشتاء القارص والعشرات يقبعون في غياهب السجون لا أنيس لهم إلا القرآن والدعوات التي نخشى أن تصيب بعضها شخصك في لحظة من لحظات الاستجابة وأنت تعلم أن ليس بين دعوة المظلوم والسماء حجاب ..!!
تمضي أشهر الشتاء القارص وزوجات حرائر يتقلبن في فرش الحرمان وأنت تعلم قبل غيرك سؤال الفاروق لابنته حفصة زوجة المصطفى أكرم خلق الله، وسيد ولد آدم، فقد روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال: (خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه
وأرقني أن لا خليل ألاعبـه
فوالله لولا الله أني أراقبـــه
لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عمر ابنته حفصة: (كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر، أو أربعة أشهر، فقال عمر: لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك)
ومن يومها أصدر تشريعه الخاص بأن يظل المجاهدون في الثغور لستٍ ويعودون لزوجاتهم في ست، هؤلاء هم أصحاب رسول الله والصحابيات اللائي تربين في كنف النبوة الأولى فكيف بذراري المسلمين أيها الخليفة الذي يجب أن يتمثل الخليفة إما بالمماثلة أو بالقياس؟! ..

ليست الزوجات فقط بل هنالك بناتهم الصبايا اللاتي لم يشاهدن آبائهن لأكثر من ثلاث سنوات وقد تركوهن حيارى يتضورن جوعاً وحاجة، ويتمسكن بالخلق تعففاً في زمانٍ إمتلأ بالذئاب في كل مفترقٍ وسبيل. وهنالك صبيان فقدوا الرعاية والقدوة والإحاطة والهداية والرشاد بل فقدوا (المصروف) والمعروف فأصبحوا من سمار الليالي وأصحاب المفسدين والداعين لغواية الشيطان إلا من عصم الله ونالته عناية الأقارب في هذا الزمان البئيس.

أخي خليفة أنت مسئولٌ أمام الله والشعب والحق والعدالة والتاريخ، فاليوم قبل الغد عليك لزاماً أن تقدم هؤلاءِ الأبرياء المكبلين بقيد السلطان إما لمحاكمةٍ فورية ناجزة ومن بيوتهم بالضمان مع الاعتذار والتعويض المادي والمعنوي، ويستوي في هذا أهل اليمين وأهل اليسار المدنيون والعسكريون، فإن الظلم له مصارع أدناها أن يقصم ظهر فاعلها وحارسها الصامت عنها في الدنيا، ويخلد بعدها في النار والعياذ بالله، وأنت بكل سيرتك الشخصية والمهنية لا تستحق ذلك لا في الدنيا ولا في الآخرة.

أخي خليفة استحلفك بالله ألا تصلح للظلمة والطغاة دنياهم بإفساد آخرتك قال تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}

والسلام..!!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.