معز زكريا يكتب: متى تتفوق الجماهير وتعجز القوات؟

0

متابعات/ الرائد نت

تضع الأجهزة الأمنية كاميرات مراقبة على أكثر الشوارع والتقاطعات، وتستطيع بذلك معرفة أعداد المتظاهرين بدقة، وتتابع حركتهم خطوة بخطوة – من شارع إلى شارع – وهذا غير عناصرها المخترقة لصفوفهم والمشاركة معهم في التظاهر؛ فأي كلام عن تفوق المتظاهرين على القوات النظامية بناء على عنصر المفاجئة كلام غير منطقي أو عقلاني… فكيف تفاجئني وأنا أسير معك وأرى حركتك كلها؟!

أما بالنسبة للتفوق عن طريق أعداد المتظاهرين، فإن الأعداد لا يمكن تحديدها والجزم بها من خلال كاميرات القنوات أو جوالات النشطاء، التي عادة ما تكون زاوية تصويرها أفقية، وهو ما يوهم الناظر بكثرة أعداد المشاركين، وذلك لظهور الأشخاص بصورة تشبه الزحام والتكدس والالتصاق، فيظن البعض أنهم آلاف أو يتوهم أنهم ملايين، ولو افترضنا وصول عدد المتظاهرين للآلاف في المواكب و “المليونيات” التي تخرج فإنه يمكن لمعسكر واحد أو كتيبة واحدة من أي قوة نظامية (شرطة، احتياطي، أمن، دعم، جيش) أن يفوق عددها المتظاهرين، فكيف إذا شاركت أكثر من قوة في وقت واحد؟!
ولا شك أنهم يفوقنهم عتادا، فكيف بعد ذلك كله يمكن القول بعجز القوات النظامية عن التعامل مع التظاهرات، أو القول بتفوق و”انتصار” المتظاهرين عليها؟!

وقد شهد التاريخ القريب والبعيد للعالم أمثلة كثيرة على ردع القوات النظامية لتظاهرات بلغ المشاركون فيها الآلاف (ومذبحة ميدان رابعة في مصر أقرب مثل)… ولكن أحياناً قد تعجز القوات النظامية عن ردع التظاهرات أو الاحتجاجات، وليس ذلك لقوة المتظاهرين أو المحتجين وإنما خوفاً من عقوبات على قياداتها مثلاً، أو لتحسين صورتها أمام الشعب، أو تجنباً لحدوث سخط شعبي عام يزيد ويلحق بالمتظاهرين الذين أمامها الآن.

وقد تسمح القوات النظامية – أحياناً – بتحرك التظاهرات وتجمعها، بل وتحميها من أي خطر متوقع من قوة أخرى معارضة للتظاهرة، وقد تنسق الأجهزة الأمنية مع قادة التظاهرات، فتحدد لهم مطالباً ليرفعوها وشعارات يهتفون بها، ويحدث ذلك عندما توجد أهداف مشتركة بين قادة القوات النظامية وقادة تلك التظاهرات: كإسقاط رأس النظام الحاكم، أو ارغامه على اتخاذ قرارات معينة، أو غير ذلك من الأهداف… وقد رأينا ذلك كله يحدث في السودان، ابتداء من إسقاط البشير باعتصام القيادة العامة، ومرورا بحل حكومة (قحت١) باعتصام (قحت٢) أمام القصر الجمهوري، وانتهاء بتظاهرات ١٩ ديسمبر الأخيرة التي سُمح لها بالتجمع عند القصر ثم تم تفريقها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.