محمدتاج السر يكتب: في ذكرى النكبة..

0


متابعات/ الرائد نت

(ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف..)
والقرية هي مكة المكرمة..ولكن القرآن يصلح لكل زمان ومكان..وكأنك تعنينا يا الله.. نعم كأن يعنينا بهذا..وماأبلغ الوصف..وماأنصع الإعجاز..
لم تكن آخر أيام الإنقاذ رغدا من العيش ولا رفاهية مثلي..لكن المقارنة بينها وبين أيامنا تلك تبدو كمن يقارن بين الجنة والجحيم..
كانت البلاد آمنة مطمئنة..لاتعرف قطع الشوارع وإشعال النيران..
ولاالحرائق ولا الخراب والدمار..وقعقعة السلاح..ودخان البمبان..فأصبحت كأنها مدينة أشباح..تعج بالقذارة والخراب والدمار..تموج بالصبية المخربين..والبنات المتحررات من قيود الأدب وقواعد الحياء..والسودانية والطرحة..
كانت الأسعار في متناول اليد..فأصبحت المعيشة قطعة من الجحيم..والناس في خوف..يخافون من اليوم ..ولايدرون ماذا يحدث غدا..هرب الميسورون لعواصم الدنيا..وقبع من لايستطيعون سبيلا في لظي الأسعار وجحيم الإيجار والترقب والقلق..
انتقلت الجيوش الي قلب العاصمة..
واشتعلت دارفور..والشرق وأصبح الموت ورائحة الدماء أشياء مألوفة في شوارع الخرطوم..ومدن السودان..
كنا دولة ذات سيادة..ومنعة وقوة..فهبط علينا ذوو الجوازات الأجنبية..من بني جلدتنا..ففتحوا البلاد علي مصراعيها للسفراء والمبعوثين والجواسيس..يجوسون في أزقتنا وحوارينا وشأننا الداخلي..
صارت الخرطوم مدينة لاتعرف الأمن والسلام..التظاهر يعني الموت والخراب والتدمير وحرق مقار البوليس وعربات الشرطة وفجيعة الأمهات في أبنائهن المغرر بهم..
صارت السياسة مرادفة للبذاءة وتحقير الآخر وتدمير المنافس وإشعال الفتن..
صار الإختلاف مع الآخر مدعاة لهدر دمه واستباحة عرضه وإلصاق كل ماهو مشين..حقا وباطلا..
انتشرت مساحات الكراهية..وإقصاء الآخر ..وتمددت موجات الحقد والعنف..وصارت السياسة تعني قتل الآخر..بكل الطرق..
سادت لغة البذاءة والإنحطاط والشتم وصارت هي السمة المعبرة عن عالم الثورة..
هذه هي الثورة..وهذا هو ماجلبته منذ أن حلت فوق رؤوسنا..الفرحون بثورتهم لايعرفون حقيقة الأشياء..يوم أن تآمر رئيس جهاز أمن البشير وخرج من مكتبه متقهقرا بظهره مادا يديه للأمام..بخطوات للخلف..تاركا أمامه التقارير الكاذبة المضللة(كلو تمام سيادتك)..ثم فتح الطريق إلي القيادة..واكتملت حلقات التآمر مع اللجنة الأمنية..ولو تظاهر الثوار لمائة عام إضافية مااسقطوا طوبة من جدران الإنقاذ..إنها الخيانة..من الداخل..
الخيانة التي اكتملت فصولها يوم أن (خنق) رئيس جهاز المخابرات البلد..وجعلها تزحف في صفوف الغاز والجاز والخبز وصف رابع للمال..
حلت الخيانة يوم أن تآمرت لجنة البشير الأمنيةضده وتحالفت (صنائع) البشير ضد البشير..فماتركوا متردية ولانطيحة من أحزاب الخراب والدمار إلا ضموها لحلف الشيطان العجيب..حلف الشيطان والعملاء والمرجفين في المدينة..ليلتها نام الشيطان هانئا..
يومها كان حال الخرطوم ليس كحالها الآن..تشكو الجوع والبؤس وتخاف عند مغيب الشمس..وتحتضن في جوفها السلاح والجيوش والحركات..
والأضداد..
كانت الخرطوم ماقبل ديسمبر المشئوم..زينة العواصم..ومهبط الوفود.
كانت خالية من العملاء..والسفهاء..والإملاءات..والفسق والفجور إلا مااستتر..
اليوم تبدو الخرطوم كبائعةهوي أو بنت ليل..(ماعندها ولي)..وليس لديها كبير..(وماسائلة في زول)..
صارت مدينة يحكمها ويتحكم فيها صغار السن والسفهاء والشذاذ حكاما ورعية..يتواري الناس عند إغلاق الشوارع..وخروج المليونيات التي لاتدري لماذا خرجت..تخرج يوما لتعيد حمدوك ويوما لتلعنه..وتطالب بإسقاطه..كان حمدوك في نظر القطيع الصاخب أمل الثورة فصار في غضون ساعات(حمدوك الني)..فتعس من علمكم السياسةوالزعيق
والعسكر هم هم هم..هم الذين أفسحوا الطريق وضموا أرجلهم ليتشارك الرعاع معهم (سرير)و(بطحاء) القيادة..و(يبيتوا ويبتن) و(يتسامروا ويتسامرن)..
فالحصة وطن..واليوم نضال..ثم كان حلف الشر الظالم..الذي سجن حتي الموت.. وأقصي.. وعذب..وشرد.. وصادر لنفسه ثم سرق..ونهب واغتني..وابتز..ثم سلط الله عليهم طائفا من عند أنفسهم..فأكفأ قدورهم واقتلع الخيام..فصاروا أيدي سبأ..وتجرعوا نفس الكأس..
بعد غد.. سيخرجون..
بأشكالهم العجيبة..
وأزيائهم الأعجب..
نفس الشعر.. والحلاقة.. واللبس..
كأنما أنتجتهم ماكينةاستنساخ سيئة الأخلاق..
أو قالب قميئ..
متشابهون في المظهر والمخبر..
والأخلاق فاقدة الصلاحية..
قالب ظاهره فيه الفوضي وداخله من قبله الفحش وإعوجاج الأخلاق..
سيحرقون..
سيقتلعون كل ماتقع عليه أعينهم..
وكل ماتطوله أيديهم..
سيكون هناك التفلت..والزعيق..والصراخ .
والبذاءة..
والفحش..
وسوء الأخلاق..
وكأنما ينتقض وضوء السياسة إلا بهذا وذاك..
ستكون المحصلة صفر كبير..وبضع أرواح مجهول قاتلها..وعشرات الجرحي..وأمهات مفجوعة..وقلوب موجوعة..
ستنتشر صيوانات العزاء وسرادقات الأحزان..ستكتسي الأرض سوادا وسخاما..وتنتشر رائح الحريق..
ألم أقل لكم أنها نكبة..؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.