د. أمين حسن عمر يكتب : المناهج… الأزمة تتجدد
المناهج…. حرب الوكالة على الهوية 1
عندما كنا طلاباً فى المرحلة فوق الجامعية بجامعة كولمبيا –ميزورى بالولايات المتحدة فى العام 1983 ثار جدل كثيف غير مسبوق حول التعليم والمناهج فى الولايات المتحدة الامريكية وقدرتها على تعزيز القدرة التنافسية والهوية الوطنية للولايات المتحدة
وجاء ذلك على إثر تبنى رونالد ريجان الرئيس الأمريكى آنذاك لتقرير لجنة التميز الأكاديمى ونشره والأعلان عنه بصورة درامية تشبه طرائق الرئيس ذى الباع الطويل فى عالم الدراما .أعلن الرئيس ريجان عن التقرير تحت عنوان ( أمة فى خطر )
وكان للعنوان وكذلك للمعلومات المثيرة للقلق التى أحتواها التقرير أثارهما البالغة فى تحريك إهتمام غير مسبوق فى كل المؤسسات التعليمية الأساس والجامعية وفى وسائل الأعلام الوطنية وأصبح التقرير ولمدة أسبوع كامل تدور حوله أخبار ومناقشات ولأكثر من أسبوع ندوات ومحاضرات فى الجامعات.
وتحول إلى الإهتمام به الى حالة غير مسبوقة فى شأن تقرير كان يمكن أن يكون شأنه شأن أى تقرير بيروقراطى آخر ولكنه تحول إلى حدث بارز فى تاريخ الأكاديميا الأمريكية. وأشتهر على مستوى العالم بأسره وأحدث ردود أفعال كبيرة على المستويين السياسى و الأكاديمى.
وتحدث كثيرون عن العنوان ( أمة فى خطر) وعن مستوى الخطر هل هو خطر محتمل أم خطر ماثل وما هى أثاره والتبعات فى حال عدم أعتباره حالة طوارىء وطنية.وقد نسب للرئيس ريجان القول لو أن أمة أجنبية حاولت أن تفرض علينا أداء تربويا مثل ماهو ماثل اليوم لأعتبرنا ذلك حالة حرب.
بيد أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ عقود وبخاصة بعد حادثة حادى عشر من سبتمبر تتدخل بصورة واضحة لا مواربة فيها لفرض أداء تربوىياً يناسبها على بلدان أجنبية وخاصة البلدان الإسلامية.فقد كان ماجرى فى برجى التجارة فى نيويورك سببا لتدخل أمريكى فظ فى أخص خصائص الدول الاٍسلامية لفرض نمط من المفاهيم والقيم تناسب الولايات المتحدة الأمريكية.
ولا يهم أن كانت تشكل تعزيزا أو تهديدا للهوية الوطنية للدول العربية والإسلامية وإستخدمت عصا محاربة الإرهاب لجعل الإلتماس لمراجعة المناهج فى الدول الإسلامية والذى كان كثير التردد فى الإجتماعات الثنائية بين دولة إسلامية وأمريكا إلى طلب جازم وأمر لازم بعد حادى عشر من سبتمبر.
وهددت على وجه الخصوص الدول التى شارك بعض مواطنيها فى تلكم الهجمات وتلكم الأخرى المصنفة فى قائمة الدول الراعية للإرهاب.وكانت المملكة العربية السعودية موضع تركيز فقد جعلت قضية تعديل المناهج واحدة من أهم معايير تحسيين العلاقة معها.ففى يونيو 2002 تقدم النائب ( جيم دافيس ) من الحزب الديمقراطي عن ولاية فلوريدا بمشروع قرار في مجلس النواب الأمريكي ليس حول المناهج الأمريكية ولكن حول المناهج السعودية.
وكان عنوان التقرير الذى قدم به المشروع
Jim Davis and Doug Bereute …..to Fight terror, Fix Saudi schools
وركز مشروع جميس على مطالبة الحكومة الأمريكية بالتدخل المباشر لتغيير مناهج التعليم السعودية وقد شكلت الإدارة الأمريكية لجنة مختارة لتعديل المناهج فى المملكة لتتقدم بتوصياتها لحكومة خادم الحرمين الشريفين.
ومخرجات تقرير اللجنة تكشف إهتمامات الإدارة الأمريكية بمحتويات مخصوصة فى المناهج التعليمية فى العالم الإسلامى .وإشملت توصيات التقرير على نقد لسياسة التعليم في أول التقرير ، وركز خاصة على نقد فكرة قيام التعليم السعودي على القيم الإسلامية.
وإنتقد المفاهيم الإسلامية التى تشكل جزءاً رئيساً في الكتب المقررة ،سواء أن كانت لغوية تاريخية وعلمية والتقرير يقول أن المسلمين يقولون إن الإسلام هو أساس الدولة والمجتمع والقضاء والتعليم والحياة
والمشروع يمضي للسير على معكوس هذه المفاهيم وقد وجدت أمريكا ومن يظاهرها الفرصة لتغيير الوجهة في السودان بإشراف مباشر من مبنى رئاسة الوزراء وإيكال المهمة للجمهوريين والماركسيين.
والآن بعد هدأت العاصفة في وجه للمدعو القراي هاهو رئيس الوزراء يعيد الجمهوريين من خلال منصب الوكيل الأول للإشراف على إتمام المهمة.. فما أنتم فاعلون يا أهل الغيرة على الدين والهوية والوطن.. أدعو المعلمين والتربويين وأساتذة الجامعات أن يؤسسوا جمعية وطنية بأسم جمعية الأصالة لحراسة المناهج والهوية الوطنية لتكون ديدبان لا يغفل وحارسا لا يغيب لأن أمة السودان آمة في خطر.