حـسيـن خـوجـلي يكتب : تقـريـر مـشـاتـر للجـزيرة مـباشـر
الخرطوم/ الرائد نت
كانت الحقول على غير عادتها قاحلة، كانت المستشفيات خاوية، وكانت الجامعات مغلقة، كانت الشوارع هامدة، وكانت المصانع عقيم، ألجم تراب الكتاحة أفواه حجارة الأساس حتى إنقاذٍ آخر،
“كل شيءٍ” في بلادنا في حالة احتضارٍ وموات إلا سوق الكلام، الساسة يثرثرون، والعسس يطلقون التحذيرات ومراسيم الطوارئ، والشباب يصرخون قهراً، والنساء يولولن صبراً، الأطفال يئنون جوعاً وجهلاً وفراغاً.
كانت الساحة تضج بصراخ الغاضبين، وهتاف اليائسين، كانت الشمس تصرخ معهم، وترسل خيوط أشعتها الحارقة على الوجوه السمراء المغطاة بالتعب. هرع جميع من كان بالميدان صوب مواسير المياه، لكنها كانت نشازاً وسط صراخ الآخرين “تشخر” بسمفونية العدم، وتتأبى على العطشى ولو بقطراتٍ شاردات.
هنا صعد الرفيق الثائر السر ود كلتوم الثعلبي حفيد الشاعر عمرو بن كلثوم التغلبي فوق ظهور الموكب شاحب الأكتاف وابتدر خطبتهُ البتراء صارخاً :
ونشربُ إن وردنا الماء صفواً
ويشربُ غيرنا كدراً وطيناً
وبجاوره ضحك النيل ساخراً وهو يهرول صوب مصر الشقيقة..!!