نصر الدين يوسف يكتب: من الانتخاب إلى التخبط في تعيينه

0

الخرطوم الرائد نت

تعيين رئيس القضاء له طرق عديدة تتقاطع مع مبدأ استغلال القضاء والمفاهيم المرتبطة به ومع مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية، التنفيذية، القضائية، هناك طريقة تعيين عن طريق رئيس الجمهورية!! وعن طريق الترشيح بالانتخابات داخل السلطة القضائية، ثم عن طريق الترشيح و التعيين بواسطة مفوضية السلطة القضائية… الخ.
لقد تم اختيار رئيس القضاء في السودان عن طريق الانتخاب أبان الفترة الديمقراطية داخل السلطة القضائية (مولانا/ محمد ميرغني مبروك) وفي ظل قانون السلطة القضائية لسنة 1986م تعديل 1996م كان التعيين يتم بواسطة رئيس الجمهورية (المادة (18)) ثم تطور الأمر ليتم التعيين عن طريق المفوضية، وهو ما تم في تعيين رئيس القضاء الاسبق المرحوم د. حيدر، ثم جاءت ثورة ديسمبر والتي ضمن شعاراتها (إصلاح القضاء/ النيابة/ وزارة العدل) بعد الدمار الذي أحدثه نظام الانقاذ الإسلاموي وأدلجته للأجهزة العدلية والتدخل في سلطاتها وتسيسها والتي قننت في الوثيقة الدستورية 2019م(المعيبة) حسب المادة (8)5 (مهام الفترة الانتقالية) (تم النص على الإصلاح القانوني وإعادة بناء المنظومة الحقوقية والعدلية وضمان استغلال القضاء وسيادة القانون) وهذا النص يقرأ مع مقتضيات المادة (12) من الوثيقة التى تشير إلى (تشكيل مجلس القضاء العالي) الذي من سلطاته تعيين رئيس القضاء والذي لم يتم تشكيله حتى الآن رغماً عن أنه تم إعداد (مشروع للقانون منذ فترة)، وقد نصت الوثيقة في الفقرة (12/و) على تعيين رئيس القضاء بواسطة مجلس السيادة وذلك قبل تشكيل مجلس القضاء العالي وهذا الحق الدستوري يتم وفق سلطات مجلس السيادة المنصوص عليها في ذات الوثيقة وفق مقتضيات المادة (11) الفقرة (2) مجلس السيادة الذي عين رئيس القضاء الآن ليس هو المجلس المنصوص عليه في المادة (11) وإعادة تشكيله لا سند لها كما أن الوثيقة المعيبة لم تنص على الجهة التي ترشح؟! وقطعاً أن مجلس السيادة لا مرجعية صحيحه له ليقوم بالتعيين ومن ثم فأن التعيين يصبح باطلاً من ناحية دستورية، عوضاً عن ما سلف فأنه لا يجوز الأخذ ببعض المواد من الوثيقة تعطي مجلس السيادة حق التعيين في غياب مجلس القضاء العالي وتجاوز مواد أخرى المتعلقة (بتشكيل مجلس السيادة واختصاصاته)… الخ دون سند أو أساس، هنا تجدر الإشارة إلى أنه تم اعتماد الوثيقة الدستورية بموجب المرسوم الدستوري (38) لسنة 2019م وتم النص فيه على 2/ (تعتمد الوثيقة الدستورية المرفقة بهذا المرسوم بكافة فصولها وموادها الواردة بها للعمل بموجبها خلال الفترة الانتقالية) ومن ثم فأن الإجراءات التي تمت لا أساس لها وهي انقلاب واضح على الوضع دستورياً وسياسياً وعليه فأن تعييين رئيس القضاء يقرأ على ضوء ما سلف.
كل ذلك بغض النظر عن ما جاء في الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بين رئيس مجلس السيادة (القائد العام للقوات المسلحة) مع رئيس الوزراء والذي تضمن في الفقرة التاسعة منه ضرورة استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي وتعييين رئيس القضاء/ النائب العام وذلك (بالعمل سوياً) وفق ديباجة الاتفاق، وهذا لم يتم حيث تم التعيين بواسطة مجلس السيادة فقط بعد تشكيله خلافاً لما نصت عليه الوثيقة! وتم التعيين لرئيس القضاء المكلف مولانا عبدالعزيز والذي دار لغط كثير حول العديد من الإجراءات التي اتخذها أبَّان تكليفه قبل التعيين الأخير.
هذا الواقع يثر العديد من الأسئلة المشروعة التى تتعلق بضمانة استغلال القضاء وضرورة تحقيق العدل وتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة فيما يتعلق بإصلاح الأجهزة العدلية والحقوقية ويوضح بجلاء أن الواقع يتطلب التغيير.

اترك رد