إسحق أحمد فضل الله يكتب : وقهوة الشجرة

0

متابعات/ الرائد نت

و نظل نقرأ في كل شيء … فالبنسلين كان يُستخرج من الأشياء المتعفنة
و تحت شجرة القهوة ننتظر القهوة و نبحث عن الضربة القادمة للسودان من أين تأتي
و مشهد مجموعة من الشباب هناك مشهد يأتي بالإجابة
و الإجابة هي أن الخراب القادم هو ما كان يصنع قحت
و هو ذاته ما يصنع الخراب القادم و كل خراب
و ذاكرتنا فيها مشهد لحكاية حقيقية و السينما تنتجها فيلماً ناجحاً جداً
و الفيلم يحكي كيف أن العطالة … و بالتالي الفقر …. و بالتالي الجريمة و المخدرات و الدعارة …. و شراء القانون …. و قانون العصابات ما يصنع هذا كله هو ذاته ما يجري الآن في السودان …
و ما يجري تطويره
……….
و عام ١٩٣٦ قبل الحرب العالمية كان الفقر يضرب العالم كله .
و العطالى ملايين في أمريكا وحدها
و شركة تعلن عن مسابقة …. للرقص و الفائز هناك هو الثنائي الذي يظل واقفاً على أقدامه بعد أن يسقط الآخرون
و في الحكاية الحقيقية مئات الآلاف يركضون للإشتراك للحصول على المال ( الجائزة)
و يشرعون في الرقص … و ساعات و البعض يسقط من الإرهاق … و ساعات و سقوط آخرين …
و بطلة الفيلم هي جين فوندا
و الثنائي الذي تدور حوله القصة ( جين فوندا و زميلها ) يظلان واقفين على الأقدام المرتجفة من التعب و الجوع و السهر فالرقص يمضي نهاراً و ليلاً …
و زميل الممثلة يسقط
و المرأة تطلق عليه الرصاص و تقتله و تقول للشرطة
: – الناس يقتلون الخيول التي تسقط في السباق ….أليس كذلك ؟
و الحكاية تقول أن البلد الذي يُطحن بالعطالى ينتهي البحث فيه … بحث العطالى عن المال بإطلاق الرصاص
فالقاعدة هي أن
العطالة تصنع البحث عن المال بأي وسيلة
و أي وسيلة تعني الجريمة المغطاة
بعدها الجريمة الفردية التي هي شيء مثل الخطف
بعدها الجريمة الفردية تصبح جريمة منظمة
بعدها يصبح السلاح هو الذي يقود
و البحث هذا … البحث الذي يصنع الجريمة كان هو الذي صنع قحت
ثم صنع ما بعد قحت و هو ما يجري الآن
.. و البلد الذي لا يفهم أن البطن و الفرج أشياء مطالبها لا تفهم العذر هو بلد سوف يجد أن الجريمة هي التي تحكم
العجوز الذي كان يجلس ناحية مع كوب القهوة يقول
:: أستاذ … لولا معرفتنا بك لقلنا أنك لا تعرف معنى كلمة ( متطرف)
و رداً على نظراتنا التي تنتظر التفسير يقول
: : – قبل فترة ندعوك لإمامة مسجدنا و تقول إنك ( متطرف ) و إن الناس لن يحتملوا حديثك
قبل أن نجيبه نجد أن مجموعة من الشباب تضع مقاعدها حول مقعدي و نعلم أن حواراً سوف يبدأ
قال : : الناس يقولون الآن سخريات لذيذة ….
أحدهم هنا يقول المرأة العلمانية لن تتوقف عن المطالبة بالمساواة مع الرجل إلا بعد أن ترى الرجل يلد أمامها
و هذا كأنه يفتح نوعاً من الحديث ليقول آخر و هو يقرأ من موبايله
: : شقيقة زوجة توني بلير التي أسلمت تقول
: : – الحمد لله … الإسلام شفاني من الأدمان و الخراب …. و أشعر بما يشعر به كل من يعاني من الإختناق و يشهق للهواء ثم تنفس
و كعادة السوداني الذي هو حيوان سياسي يقول آخر
: : – المحطات يا أستاذ …. أمس .. صحيفة اليوم تقول …. عشرات القتلى في مظاهرة الخميس و الشارع يرفض حمدوك …. بينما صحيفة تحترم قراءها مثل الإيكونومست تقول
: : الجيش أصبح أقوى و حمدوك يعزف مع البرهان و الإتحاد الأفريقي يتَّجِه إلى رفع السودان قائمة الحظر
و مشهد عجوز تمشي بصعوبة يجعل آخر يقول
:: بالمناسبة يا أستاذ حديث عمنا معك قبل قليل عن الإسلام و تطرفك يذكِّرني أن إمام مسجدنا لما كان يُفسِّر الأية ( ثم رددناه أسفل سافلين ) لم يقل قال سفيان الثوري و لا الزمخشري … إمامنا قال إن العجوز في الملجأ قالت عن إبنها
: : – لو كنت أعلم أنه سوف يضعني في الملجأ لكن قد أرضعته حليب الكلاب حتى يرضع الوفاء فالكلاب لا تخون العشرة
و آخر يعود إلى الأخبار المباشرة و يقول
: قالوا إن عدداً من لجان التمكين لن يطلق سراحهم لأن التحقيق يجد أنهم قد نزعوا من الناس ( خمسة و أربعين ترليون جنيه ..و خمسة مليارات دولار
و أن التمكين سلَّمت المالية … سبعة و سبعين مليون جنيه …
و التعليق كان ذكياً و هو يقول
الكارثة التي تصيبهم ليست هي أنهم سوف يحاكمون .. و الكارثة هي أن أحداً يضع يده على مبالغ مثل هذه ثم تُنزع منه ضربة واحدة …
و حديث التحقيقات يقود إلى أن أجهزة التحقيق في قتلى المظاهرات تجد أن بعض القتلى قُتلوا ببنادق خرطوش و من مكان قريب
و سيرة القانون و التحقيق تقود إلى رئيس القضاء الجديد فتح الرحمن و الحديث يقول إن ما يجعله مناسباً
للظرف أنه هو
خبير و ناشف و لا ينتمي إلى أي جهة و أنه …. لا يعرف الخوف
قال : لكنه أدى القسم من قبل أمام البشير
و نقول : و كنت عايزو يؤدي القسم يومها قدام منو ؟؟
السودان الآن فيه ملايين المقاعد للنقاش السياسي و هذا يجعل القيادة من الأذن مستحيلة
لكن …. الذي سوف يقود السودان إلي الخراب غداً هو ذاته ما قاد السودان إلى الخراب السنوات العشر الماضية
العطالة ….

اترك رد