الطاهر ساتي يكتب : مع تنفس الصعداء..!!
متابعات/ الرائد نت
:: السفارة في العمارة من روائع السينما المصرية التي أبدع فيها الزعيم عادل إمام في دور شريف خيري الذي يعود من الإمارات، ويُفاجأ بالسفارة الإسرائيلية قد استأجرت شقة بجوار شقته، فيستاء ويبحث عن حل يبعده عن السفارة و إجراءتها الأمنية.. ويقع في براثن الانتهازيين.. المحامي الفاشل يرفع دعوى بإخلاء السفارة، ليشتهر في سوق المحاماة.. والصحفي المغمور يحوّله إلى بطل ورمز للصمود، ليوّزع به صحيفته..!!
:: وبعد أن يقع شريف خيري في حب إحدى ناشطاته، يستقطبه الحزب الشيوعي.. ورغم أنه لم يسمع بماركس ولينين طوال حياته، يتخذه الحزب رمزاً للصمود في الشارع المصري.. ثم تخطفه جماعة إسلامية، وتأمره بتنفيذ عملية فدائية.. و..و.. كل هذا كان قبل أن تبتزه السفارة الإسرائيلية بعد تصويره في وضع مخل مع امرأة، ليتنازل عن الدعوى القضائية، فيتنازل.. ليتحول هُتاف الانتهازية من (شريف خيري رمز الصمود) إلى (شريف خيري الخائن العميل)..!!
:: وهكذا حال رئيس الوزراء مع نشطاء مجموعة الأربعة التي خطفت الحاضنة السياسية ثم اختزلت السودان في (7 أنفار)، ثامنهم جعفر حسن .. قبل 21 نوفمبر، كان حمدوك عند هؤلاء النشطاء المؤسس المُلهم و القائد البطل ورمز الجسارة والصمود، وبعد 21 نوفمير تحول حمدوك -في نفوسهم و أنظارهم -الى (خائن عميل) .. قلبوا له ظهر المجن، وليس في أمرهم عجب، هكذا هم دائماً.. متطرفون بكل حال، وفي حقدهم أرج النسائم جيفة، وبحبهم روث البهائم برتقال، أو كأن أحمد مطر كان يقصدهم..!!
:: كانت مجموعة الأربعة من أعباء تلك المرحلة، وكانت حملاً ثقيلاً ومؤرقاً لكاهل رئيس الوزراء.. سادتها لم يقدموا حلاً منطقياً لأية أزمة ولم يبادروا بفكرة ولم يطرحوا مشروعاً غير الصخب و مؤتمرات التخدير .. وكثيراً ما نصحنا زعماء هذه المجموعة بالنُّضج والوعي، أي بالتحلي بروح المسؤولية، وترتيب قائمة المصالح بحيث تكون مصالح البلاد في الصدارة، وليس أحزابهم ذات الشعارات الصبيانية.. وكنا نأمل صادقين بأن تتوحد إرادة نُشطاء تلك المجموعة ولو فقط حول الأهداف والقضايا الاستراتيجية..!!
:: ولكنهم كانوا يقفون ضد حمدوك في كل قضايا المرحلة، بما فيها الاستراتيجية، والتي منها علاقات السودان الخارجية و التطبيع مع اسرائيل و اتفاقية السلام مع قوى الكفاح المسلح والإصلاحات الاقتصادية.. فالبلاد كانت بحاجة إلى حاضنة سياسيّة تدعم الحكومة، لتحول الخطى السياسية الجادة إلى مصالح تستفيد منها البلاد وشعبها.. تحسين العلاقات مع كل دول العالم – بما فيها إسرائيل – كان مكسياً سياسياً، وكذلك رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب مفتاح، واتفاقيات السلام مع قوى الكفاح المسلح وإعفاء الديون و.. و..!!
:: واستغلال هذه المكاسب -التي تحققت بفضل الله، ثم حراك البرهان وحمدوك -بحاجة الى حاضنة سياسية ناضجة تصنع الاستقرار السياسي بتوسيع قاعدة المشاركة في صناعة القرار الوطني، بدلاً عن كراهية الجميع ومعاداتهم بتطرف وحماقة، بمن فيهم بعض صناع الثورة الذين لم يسلموا من الإقصاء..!!
:: على كل، مع تنفس الصعداء بعد الخروج من (حضن النشطاء)، على حكومة حمدوك المرتقبة أن تعلم بأن الإرادة الوطنية هي التي تصنع النجاح حسب الخطة والكفاءة .. وبعد تصحيح المسار، فان ترتيب أوضاع البلاد بالخارج كان (تحدياً)، وبعودة حمدوك نجحت الحكومة في عبور هذا التحدي، و لكن يبقى التحدي الأكبر هو ترتيب أوضاع البلاد بالداخل.. كما عبرت خارجياً حسب بيانات الترحيب الإقليمية والدولية، نأمل أن تعبر الحكومة داخلياً أيضاً، وذلك بتأسيس دولة القانون و المؤسسات، ثم بالإنتاج..!!