وليد محمد خير – رئيس التيار السوداني يكتب : “منو البدي منو فرصة”؟!

0

متابعات/ الرائد نت

في أواخر العشرية الأولى من عمر النظام البائد عقدت الحكومة مع بعض القوى الجنوبية ما عرف حينها باتفاقية الخرطوم للسلام، عاد على إثرها بعض القادة (المتمردون) دعاة سلام من جهة وأصحاب مناصب وامتيازات من جهة أخرى في مشهد متكرر من مشاهد السياسة السودانية.

كان أحد القادة الجنوبيين الموقعين على الاتفاقية زعيم تويج/تويج الشرقية الراحل أروك طون أروك وهو سياسي وقائد جنوبي كان على درجة من الفصاحة، فسأله مذيع تلفزيوني في أحد لقاءاته السؤال التقليدي “لكن يا سيد أروك هناك من يقول أن الديمقراطية في السودان لم تعطى الفرصة الكافية لتنجح فسرعان ما ينقلب الجيش عليها” فرد أروك بفصاحته مع شيء من التهكم بسؤال “منو البدي منو فرصة”؟!

في ظني أن الإجابة على هذا السؤال قد يكون فيها بداية التشخيص السليم لمعضلة السياسة السودانية ومعضلة إدارة الدولة السودانية، فنحن نشهد في أيامنا هذه ضياع فرصة كبيرة من بين يدي الشعب السوداني بسبب سوء التدبير السياسي، حيث شكلت ثورة ديسمبر فرصة ذهبية مهرت بدماء وجراحات وآلام، ولكن كعادة الأحزاب السياسية غرقت في تشاكسها وتنازعها التقليدي فلم تتطور عقليتها ولم تهتد خلال ثلاثين الانقاذ التي كانت فيها على سدة المعارضة لأي جديد في تصوراتها أو ممارساتها. فصدق فيها بيت الفراهيدي وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدرا.

كانت الفترة الانتقالية فرصة مناسبة لتأسيس بناء ديمقراطي تعددي ولبناء أحزاب حديثة وتقديم برامج جديدة وإدارة حوار حقيقي بين كافة أبناء السودان في جو من التفاهم والتعاون، كانت فرصة لتحديد أولويات الدولة والفصل بين السياسة وتفضيلاتها والدولة وواجباتها، كانت فرصة لاستيعاب طموح الشباب ومحاولة معرفة آمالهم، كانت فرصة للتخلص من ثنائيات إسلام علمانية وعسكر مدنية وطائفية طليعية وغيرها من أوهام وخيالات الساسة البعيدة عن مطالب واحتياجات الشعب، كانت فرصة ولكنها ضاعت كغيرها من الفرص.

هل من فرصة ممكنة؟؟ أقول الفرصة الوحيدة أمام الديمقراطية وأمام إقرار وإنفاذ نظام يضمن تداولا سلميا للسلطة وتعددية سياسية هو شباب السودان، وقد كان يمكن لشباب الأحزاب أن ينقلبوا على كهنة الحزبية القديمة وعلى ممارستهم الرديئة ولكنهم لسبب ما اختاروا السير في ركابهم، لكن تظل الغالبية العظمى من شباب البلاد ساخطة على هذا الوضع وهي التي بإمكانها إعطاء الفرصة للديمقراطية لتزهر في السودان، وفي تقديري أن حراك الشباب فيما يعرف بعملية البناء القاعدي هي الفرصة الممكنة وقد تكون الإجابة على السؤال “منو البدي منو فرصة” أنتم أيها الشباب من بإمكانكم إتاحة الفرصة للوطن لينعتق من ربقة القديم البالي. حولوا سخطم ويأسكم وخيبة أملكم لقوة بناءة واجعلوه الدافع لكم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.