آلاء الحسين تكتب :القائد العام وعقيدة القتال بصدور مفتوحة

0

متابعات الرائد نت

ألهبت العاصمة السودانية الفضائيات التي حيث ظلت كل الجبهات هادئة تقريباً، عندما استيقظت الخرطوم على أصوات الرصاص ودوي الانفجارات في حي جبرة في الجنوب الأدنى للعاصمة، وذلك بعد أن تواترت الأخبار عن اشتباكات مع خلية إرهابية اتخذت من الحي المزدحم ملاذاً وساتراً لإعداد وتنفيذ أعمالهم الإجرامية التي لم تتضح بعد، كيفيتها ومن المستهدف بها، وكذلك هوية الجهات التي تقف وراءها….

وبدءاً ينبغي إرسال تحية خاصة للأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي أكدت أنها العين الساهرة التي تحرس البلد وتضمن أمنه وسلامته، بتفكيك هذه الخلايا النائمة والتي لم تبدأ التحرك بعد ففاجأتها بصورة استباقية، ولم تمكنها من تنفيذ أي من أهدافها، فأبطلت مفعول هذه القنابل الموقوتة التي تهدد أمن الوطن، فأثلجت صدر المواطن الوطني، وتركت العملاء الذين لا يرجون لهذا البلد خيراً، يعضون الأنامل من الغيظ، وصدور الذين حرَّضوهم ويقفون وراءهم تغلي حقداً وكراهية وخيبة، إذ رد الله كيدهم في نحورهم، وأعاذ البلاد والعباد من شرورهم..

الاشتباك الذي استمر ثمانية ساعات وهو في حموته والمعركة في ذروتها، والجنود البواسل، يديرون المعركة بكل مهنية وانضباط، ويحتسبون الشهيد تلو الشهيد، ويمدون حبل الصبر تجنباً للاقتحام حفاظاً على حياة المدنيين العزَّل الذين احتجزهم الترويعيون بكل خسة ونذالة انعدمت فيها مكارم الأخلاق، والخلق السوداني الأصيل، واتخذوهم دروعاً بشرية، بصورة يأباها الخلق والدين، ووسط كل هذا والرصاص ينهمر كالمطر ، والشرطة تقيم الحواجز وتنصح المواطنين بالابتعاد من مواقع الخطر حرصاً على سلامتهم،، ولكن هل امتثل الناس لهذه التحذيرات، وابتعدوا ينشدون السلامة، كلا بل ازدادوا اقتاباً ولسان حالهم يقول، كلنا فداء الوطن…

ووسط هذا الخطر المحدق والموت المحيط المتربص، فإذا بمفاجأة من العيار الثقيل، تفتح الشرطة الحواجز وتدخل سيارات، ويترجل من إحداها القائد العام للقوات المسلحة، رئيس المجلس السيادي الانتقالي، ليكون في عين العاصفة رصين الخطى مكشوف الصدر، كأنه خارج في نزهة أو مشوار مجاملة اجتماعية، لا خوف ولا هلع، وهكذا يكون القائد امام جنوده، يشد من أزرهم ويرفع من معنوياتهم، ويشاركهم الترح والفرح، لتصل الرسالة بوضوح لا لبس فيه، ها هي الدولة قذفت بفلذات أكبادها في أتون المعركة، وليقولوا أن أمن وسلامة وطمأنينة الوطن والمواطن خطوط غير قابلة للتجاوز، وأن المعركة محسومة طالما أن القيادة لم تختبئ…

نعم وقف القائد العام للقوات المسلحة كالطود الشامخ، مكشوفاً بلا ساتر يحمي ولا سترة واقية، وسرعان ما التفت حوله الجماهير الغفيرة التي تجمعت غير عابئة بالحواجز ولا الأخطار، وهم يرون القائد أقرب ما يكون إلى العدو، وكان درساً في غاية الأهمية إن الذي يريد أن يستنفر الجماهير، يجب أن يكون في المقدمة يتلقى الضربات الأولى ويمتص الصدمات، عندها ستجد الجماهير تسبقه إلى التعرض للخطر ولو أدى ذلك إلى المجازفة بالحياة…

نعم كان البرهان هناك ضارباً عرض الحائط بكل المحاذير، ملتحماً مع الجماهير، ولم يقل ربما كان هناك من بين الحشود المجتمعة ترويعي متسلل يلبس حزاماً ناسفاً فيفجره وتكون النهاية، ولم يفكر في أنه في حي سكني به العديد من البنايات متعددة الطوابق، يمكن لأي قناص أن يتخذها موقعاً يترصده منه، كانت تلك لحظة فارقة تحقق فيها الشعار المرفوع دوماً، “جيش واحد … شعب واحد” نعم تجسد حقيقة لا مجازاً ورياءً، كيف يكون التجسيد والقائد العام للقوات المسلحة في الميدان، يصعب التمييز بين الجمهور العادي وطاقم الحراسة، كلهم كانوا جسماً واحداً متحداً، بينما المقاتلون يتعاملون مع العدو، والجماهير تهتف “جيش واحد … شعب واحد” في ملحمة تاريخية ولا أروع. وسجلت ذلك كل الفضائيات التي انتعشت بالحادثة، وتحرك المراسلون، ينقلون الحدث حياً من الميدان، وإحصاء أعداد الشهداء والجرحى من جانب الدولة، وقتلى الترويعيين وجرحاهم ومن تم القبض عليه منهم….

ولكن الذين أغاظهم هذا الانتصار وأثارت حفيظتهم تلك الصورة الرائعة التي جسدت تحالف الشعب وقادته وقواته المسلحة، عمدوا إلى حيلة رخيصة وغبية في ذات الوقت، ففي الوقت الذي ينقل فيه المراسلون الحدث حيَّا بكاميراتهم الاحترافية، والهتاف مباشراً من الجماهير، وكلها تكبير ، وتوحيد واتحاد، بثوا تسجيلاً مفبركاً من مشهد زيارة الرئيس للموقع، وركبوا صوتً بتقنية الحاسوب، لهتاف نشاز يقول “الجيش جيش السودان … الجيش ما جيش برهان” هذا الهتاف الذي لاكته الأسافير حتى فقد طعمه وصار مسيخاً ممجوجاً ، يكمن الغباء أن الحدث مشهود وتم نقله نقلاً مباشراً على كل القنوات المشاهدة، فمن سيصدق تسجيلاً يتيماً منخفض الجودة، سيء الإخراج…

ثم من قال لهؤلاء الأغبياء أن الجيش جيش البرهان، وكأنه مليشيا، هم هكذا يسيئون إلى القوات المسلحة قبل القائد العام، والبرهان نفسه لن يستنكف أن يهتف بذلك، فالجيش حيقية جيش السودان، والبرهان نفسه للجيش، بدليل أنه يحمل دائماً روحه على كفه، منذ أن حمل مذكرة عزل الرئيس السابق وانتهاءً بصدرة المكشوف أمام الرصاص بجبرة.
المجد للشهداء ونحتسبهم عند الله كذلك.

والعزة للسودان

اترك رد